وإذا انطلقت من أنواع الوجوه القرائية التي ذكرتها لك، ورتبتها على اختلاف العلماء في فعل عثمان، فإنه سيظهر لك ما يأتي:

1 - أن من يقول بأن عثمان رضي الله عنه أبقى حرفاً واحداً فقط، فهذا يعني أن وجوه الاختلاف الواردة في القراءات ليست من الأحرف في شيء، وأمامك احتمالان في بقية الأحرف:

الأول: أن يكون هذا الاختلاف في القراءات وارداً مع كل حرف من الأحرف التي لا نعلم ماهيتها بسبب ترك الصحابة لها، فاختلاف القراءات شيء، والأحرف شيء آخر.

وذلك احتمال يدور حوله تساؤلات كثيرة، منها:

كيف غاب عن الأمة ما هو منَزل من أجل التخفيف عليها؟ أفكان التخفيف لأجل سنين معدودة ثم زال سببه؟!

الثاني: أن يكون هذا الاختلاف في القراءات على حرف واحدٍ، ولو بقيت لنا الأحرف الأخرى لخرج لنا اختلافات أخرى أكثر من هذه لكنها ذهبت مع ذهاب الأحرف الستة.

وهذا فيه نظر أيضاً، فكيف لم يبقَ ما يدل عليها، ولو قليلاً؟ أفزالت بالكلية؟!

وهذه القراءات الشاذة لا تختلف ـ من حيث العموم ـ عن أداء القراءات المقبولة المشهورة، فهل يصحُّ أن تكون هذه القراءات الشاذة قد حُفِظت، ويغيب عنا بقية الأحرف السبعة؟

وينتج عن هذا أن حلَّ الأحرف السبعة موجودٌ في وجوه القراءات؛ متواترها وشاذها؛ لأنه لا يُعقل أن تذهب هذه الأحرف بالكلية، ولا نرى بين أيدينا سوى هذه الأوجه المختلفة في القراءات، فصحَّ أن الأحرف لا تخرج عما هو بين أيدينا من هذه الأوجه المختلفة في القراءة.

2 - أن من يقول: إن عثمان لم يصنع شيئاً سوى أنه فرَّق ما في مصحف أبي بكر في المصاحف التي كتبتها اللجنة التي اختارها، فأبانَت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015