1 - عند قوله تعالى: {وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ} [الصافات: 57]، قال أبو داود (ت496هـ): «قال: و {نِعْمَةُ رَبِّي} بالهاء، هذه روايتنا عن ابن الأنباري، ورأيت الغازي بن قيس وعطاء الخرساني قد رسموها (نعمت) بالتاء، وكلاهما حسن، فليكتب الكاتب ما أحبَّ من ذلك، فهو في سعة لمجيء الروايتين عنهم بذلك» (?).
2 - وقال في قوله تعالى: {وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً}: «وأنا أستحبُّ كتاب ذلك بغير ألف لجميع القراء موافقة لبعض المصاحف ولقراءة الكوفيين، فمن ضبط لغيرهم جعل الألف بالحمراء بين الجيم والعين، وإن كتب الناسخ للعربيين والحرميين بالألف على قراءتهم أيضاً فحسن، إذ لم تبلغنا رواية إنه كُتِب في مصحف من مصاحف الأمصار بوجه ما، وإنما جاءت الرواية مبهمة أن ذلك في بعض المصاحف كذا وفي بعضها كذا، من غير تسمية مصر بعينه مخصوص به، فلذلك أوجب إطلاق الناسخ على ذلك فاعلمه» (?).
وهذه الحيثية في التغاير قد نبَّه عليها العالمون بالرسم، ومنهم علم الدين السخاوي (ت643هـ) في كتابه «الوسيلة إلى كشف العقيلة»، حيث أورد قول الشاطبي:
وبين نافعهم في رسمهم وأبي ... عبيد الخلف في بعض الذي أثرَا
ثمَّ قال معلقاً: «اعلم أن رسم المصاحف إنما حصل منه ما حصل بالنقل عن جماعة؛ نظر بعضهم مواضع فأخبر بها، ونظر آخرون غير تلك المواضع فأخبروا بها، واتفقوا في مواضع.
فإن قلنا في هذا الكتاب: رواه نافع، فليس ذلك لأن غيره قد روى خلاف ذلك، وإنما نعني به أن ذلك من القبيل الذي رواه نافع.