إن التفضيل بين السور والآيات يحتاج إلى النقل المحضِ؛ فلا يصلح في هذا الباب الاجتهاد. ولقد ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ما يدل على فضائل لبعض السُّورِ، وذلك إما بذكر أجرٍ يترتب على قراءتها، وإما بقصد قراءتها في وقت معيَّنٍ، وإما ببيان أثرها الحسي والمعنوي على المسلم.
والملاحظ أنَّ السورَ التي ورد فيها فضائل أقلُّ من السور التي لم يرد فيها فضائل، وبما أن الأصل في التفضيل النقل عن النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ فإنه يحرم الكذب فيها كما حصل من بعض الزهاد الذين أرادوا الترغيب بالقرآن فاعتمدوا الكذب في هذا الباب، والعياذ بالله.
وممن اشتهر بالكذب في هذا الباب نوح بن أبي مريم المعروف بنوح الجامع (ت173هـ)، وميسرة بن عبد ربه. قال السيوطي (ت911هـ): «أما الحديث الطويل في فضائل القرآن سورة سورة، فإنه موضوع، كما أخرج الحاكم في المدخل بسنده إلى أبي عمار المروزي أنه قيل لأبي عصمة الجامع: من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة، وليس عند أصحاب عكرمة هذا؟
فقال: إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي ابن إسحاق فوضعت هذا الحديث حسبة.
وروى ابن حبان في مقدمة تاريخ الضعفاء عن ابن مهدي قال: «قلت لميسرة بن عبد ربه: من أين جئت بهذه الأحاديث (من قرأ كذا فله كذا)؟
قال: وضعتها أرغِّب الناس فيها» (?).