قال البيهقي: «والتاسعة يريد بها سورة يونس. قال: وقد سقط من هذه الرواية الفاتحة، والأعراف، وكهيعص فيما نزل بمكة» (?).

وأما الطريقة الثانية، ففيها روايات عديدة، منها ما رواه البخاري بسنده عن طارق بن شهاب «أن أناساً من اليهود قالوا: لو نزلت هذه الآية فينا لاتخذنا ذلك اليوم عيداً.

فقال عمر: أية آية؟

فقالوا: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} [المائدة: 3]. فقال عمر: إني لأعلم أي مكان أنزلت؛ أنزلت ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم واقف بعرفة» (?).

فهذه الروايات وغيرها تدل على أنَّ السلف كانوا يُعنون بذكر المكان الذي نزلت فيه السورة أو الآية، لكن لا يعني هذا أنهم كانوا يُغفلون الزمان الذي ضبطه بعض أتباع التابعين بضابط الهجرة، فما كان قبل الهجرة فهو مكي، وما كان بعد الهجرة فهو مدني، فهذا الضابط، وإن لم ينصوا عليه إلا أنهم يعملون بفحواه، فهل يُتصوَّر أن يكون نزول آية إكمال الدين في مكة قبل الهجرة؟

بالطبع لا، فقول عمر رضي الله عنه: «أنزلت ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم واقف بعرفة» يتضمن نزولها بعد الهجرة؛ لأن حجة الوداع كانت بعد الهجرة قطعاً، ولم يكن هناك داعٍ لأن يقول عمر: نزلت بعد الهجرة، ولا كان من مصطلحات الصحابة والتابعين وكثير من أتباع التابعين (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015