وقال ابن كثير: (لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ) لهذه الأمة بإحلال الغنائم) اهـ.

وعندي - والله تعالى أعلم - أن قوله تعالى: (لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) له صلة باستبقاء الأسرى وأخذ الفداء عن ذلك، ولا صلة له بالغنيمة لوجهين:

الأول: أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لعمر: أبكي للذي عرض عليَّ أصحابك من أخذهم الفداء، لقد عرض عليَّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة.

فالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذكر أخذهم الفداء الناشئ عن استبقاء الرجال وربط العذاب بذلك، ولم يأتِ للغنائم ذكر، وأولى ما يُفسر به القرآن الصحيح من السنة.

الثاني: أن الله ذكر الفداء بقوله: (أَخَذْتُمْ) وهو تعبير النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وذكر الغنيمة بقوله: (غَنِمْتُمْ) واختلاف المباني يدل على اختلاف المقصود من المعاني.

فإن قال قائل: العذاب المستحق عليهم بأخذهم الفداء ما الذي رفعه؟

فالجواب: (الكتاب السابق من أنه لا يعذب من غير أن يتقدم بالإنذار) اهـ.

وهنا أسئلة ثلاثة تنتظر الجواب:

الأول: جاء في حديث أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فلما كان يوم بدر أسرِع الناس في الغنائم فأنزل الله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) فالحديث دلّ على صلة الآية بالغنائم.

فالجواب: أن الآيات نزلت دفعة واحدة فظن بعض الناس أن لها صلةً بها فحدّث بذلك وأبو هريرة لم يشهد هذا بنفسه لأنه لم يُسلم بعد، والذي يحمل على هذا الظن أن الله ذكر بعدها أكل الغنائم فقال: (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا) فالتبس هذا بهذا.

فإن قيل: هل سبق إلى هذا القول أحد من المفسرين؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015