حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ الْأَخْنَسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ عَاصِمٍ قَالَ: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَعْرَبَ مِنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَسْأَلُهُ» -[527]- قَالَ الْقَاضِي: أَمَّا تَغْيِيرُ اللَّحْنِ فَوُجُوبِهِ ظَاهَرٌ، لِأَنَّ مِنَ اللَّحْنِ مَا يُزِيلُ الْمَعْنَى وَيُغَيِّرُهُ عَنْ طَرِيقِ حُكْمِهِ، وَكَثِيرٌ مِنْ رُوَاةِ الْحَدِيثِ لَا يَضْبِطُونَ الْإِعْرَابَ وَلَا يُحْسِنُونَهُ، وَرُبَّمَا حَرَّفُوا الْكَلَامَ عَنْ وَجْهِهِ، وَوَضَعُوا الْخِطَابَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَلَيْسَ يَلْزَمُ مَنْ أَخَذَ عَنْ هَذِهِ الطَّائِفَةِ أَنْ يَحْكِيَ أَلْفَاظَهُمْ إِذَا عَرَفَ وَجْهَ الصَّوَابِ، إِذَا كَانَ الْمُرَادُ مِنَ الْحَدِيثِ مَعْلُومًا ظَاهِرًا، وَلَفْظُ الْعَرَبِ بِهِ مَعْرُوفًا فَاشِيًا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُحَدِّثَ، إِذَا قَالَ: «لَا يَؤُمُّ الْمُسَافِرَ الْمُقِيمُ» فَنَصَبَ الْمُسَافِرَ وَرَفَعَ الْمُقِيمَ، وَكَذَلِكَ: «لَا يَؤُمُّ الْمُقَيَّدَ الْمُطْلَقُ» فَنَصَبَ الْمُقَيَّدَ وَرَفَعَ الْمُطْلَقَ كَانَ قَدْ أَحَالَ وَكُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى عَبْدَانَ يَوْمًا وَهُوَ يُحَدِّثُنَا، وَأَبُو الْعَبَّاسِ سُرَيْجٌ حَاضِرٌ، فَقَالَ عَبْدَانُ: مَنْ دُعِيَ فَلَمْ يَجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَفَتَحَ الْيَاءَ مِنْ قَوْلِهِ «يُجِبْ» ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ: إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَقُولَ: يُجِبْ يَعْنِي بِضَمِّ الْيَاءِ فَأَبَى عَبْدَانُ أَنْ يَقُولَ، وَعَجِبَ مِنْ صَوَابِ ابْنِ سُرَيْجٍ، كَمَا عَجِبَ ابْنُ سُرَيْجٍ مِنْ خَطَئِهِ فَهَذَا وَنَحْوُهُ يُزِيلُ الْمَعْنَى، فَلَا يَعْتَدُّ بِأَلْفَاظِ هَذِهِ الطَّائِفَةِ، وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَى كَرَاهِيَّتِهِمْ لِلْإِعْرَابِ وَذَمِّهِمْ لِأَهْلِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015