إلا أنهم قد استعملوا مضارعة، فقالوا: يدع. ويروى بيت الفرزدق:
وعض زمان يا بن مروان لم يدع ... من المال إلا مسحتا أو مجلف1
على ثلاث أصرب: لم يدع، ولم يدع -بكسر الدال، وفتح الياء- ولم يدع، بضم الياء.
فأما يدع -بفتح الياء والدال- فهو المشهور، وإعرابه أنه لما قال: لم يدع من المال إلا مسحتا دل على أنه قد بقى، فأضمر ما يدل عليه القول، فكأنه قال: وبقى مجلف.
وأما يدع -بفتح الياء وكسر الدال- فهو من الاتداع، كقولك: قد استراح وودع، وهو وادع من تعبه. فالمسحت -على هذه الرواية- مرفوع بفعله، ومجلف معطوف عليه، وهذا ما لا نظر فيه لوضوحه.
وأما يدع -بضم الياء- فقياسه يودع، كقول الله "تعالى": {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ 2} ، ومثله يوضع، والحديد يوقع، أي: يطرق، من قولهم: وقعت الحديدة، أي: طرقتها. قالوا: إلا أن هذا الحرف كأنه -كثرة استعماله- جاء شاذا، فحذفت واوه تخفيفا، فقيل: لم يدع3، أي: لم يترك، والمسحت والمجلف جميعا مرفوعان أيضا، كما يجب.