كأنه قال: ونقرتها؛ لأن قوله: كل منقَّر عليه جاء، وبعده قوله:

فطار كل مطير

فهذا على أنه كأنه قال: فطَيَّرَ كُلَّ مُطَيَّر، ولما في الفعل من معنى المصدر الدال على الجنس ما1 لم يجز تثنيته ولا جمعه؛ لاستحالة كل واحد من التثنية والجمع في الجنس.

فأما التثنية والجمع في نحو قولك: قمت قيامين، وانطلقت انطلاقين، وعند القوم أفهام، وعليهم أشغال. فلم يُثَن شيء من ذلك، ولا يُجمع ولم يرد وهو مُرادٌ به الجنس؛ ولكن المراد به النوع. وقد شرحنا ذلك في غير موضع من كتبنا، وما خرج من التعليق عنا.

ومن ذلك قراءة الزهري أيضًا: "وَإِذْ فَرَّقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ"2 مشددة.

قال أبو الفتح: معنى "فرَّقنا" أي: جعلناه فِرَقًا، ومعنى "فرَقنا": شققنا بكم البحر، وفرَّقنا أشد تبعيضًا من فرَقنا، وقوله تعالى: {فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} 3 يحتمل أن يكون فرقين، ويحتمل أن يكون أفراقًا؛ ألا ترى أنك تقول: قسمت الثوب قسمين، فكان كل قسم واحد منهما عشرين ذراعًا، كما تقول ذلك وهو جماعة أقسام.

ومن ذلك فرَقتُ شعره أي: جعلته فرقين، وفرَّقت شعره أي: جعلته فِرَقًا، وجاز هنا لفظ الجمع؛ لأن كل رجل منهم قد خرق من البحر وفَرَق خَرْقًا وفِرْقًا.

وقد يكون أيضًا في فرَقنا مخففة معنى فرَّقنا مشددة على ما مضى آنفًا في: "يَذْبَحُونَ أَبْنَاءَكُمْ".

ومن ذلك قال ابن مجاهد: حدثني عبد الله بن محمد4 قال: حدثنا خالد بن مرداس قال: حدثنا الحكم بن عمر الرُّعَيْني قال: أرسلني خالد بن عبد الله القسري إلى قتادة5 أسأله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015