وحكى سيبويه قراءة: "إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أثنا1"، جمع وثن. وذهب محمد بن السري في قولهم: أسد وأسد إلى أنه مقصور من فعول، يريد أسودا، فحذفت الواو، فبقى أسد، ثم أسكنت السين تخفيفا، كقولهم في طنب2: طنب.

وهذه القراءة التي هي "نهر" تشهد لقوله: إن أصله أسود، ثم حذفت الواو، فبقى أسد.

فإن قلت: فقد جاء أسود، ولم يأت نهور جمع نهر.

قيل: وإن لم يأت لفظا فهو مقدر تصورا، كأشياء تثبت تقديرا، فتعامل معاملة المستعمل. فإن شئت قلت في "نهر": إنه جمع نهر الساكن العين، فيكون كسقف وسقف، ورهن ورهن، وثط3 وثط، وسهم حشر4 وسهام حشر وفرس ورد5 فصارت نهر، ثم ثقل إتباعا، فصارت إلى "نهر".

وأنس بذلك أن ما قبل الراء في أواخر هذه الآي، وهي "سقر"، و"قدر"، و"نكر"، و"مدكر"، و"زبر"، و"مستطر"، و"مقتدر" محرك، فكأنه الرغبة في استواء هذه الفواصل هو الذي زاد في الأنس بتثقيل "النهر" على هذا التأويل الذي في "

نهر"، كما يختار ترك همز "الشان"6 في سورة الرحمن؛ لتوافق رءوس الآي فيها: "تكذبان"، ونحوها، وإليه ذهب الفراء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015