من ذلك قراءة مجاهد والجحدري وأبي قلابة: "إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ1".
قال أبو الفتح: يقال: أنكرت الشيء فهو منكر، ونكرته فهو منكور. وجمع الأعشى بين اللغتين، فقال:
وأنكرتني وما كان الذي نكرت ... من الحوادث إلا الشيب والصلعا2
وكذلك هذه القراءة: "إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ"، إلى شيء يجهل. ومثله مررت بصبي ضرب، ونظرت إلى امرأة أكرمت، وصف بالفعل الماضي.
ومن ذلك قراءة يزيد بن رومان3 وقتادة: "لِمَنْ كَانَ كُفِر4".
قال أبو الفتح: أي: جزاء الكافرين بنوح عليه السلام.
وأما قراءة الجماعة: {جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ} فتأويله: جزاء لهم بكفرهم بنوح، "عليه السلام"، فاللام الأولى التي هي مفعول بها محذوفة، واللام الثانية الظاهرة في قوله: {لِمَنْ كَانَ كُفِرَ} لام المفعول له. وهناك مضاف محذوف، أي: جزاء لهم؛ لكفر من كفر، أي: لكفرهم بمن كفروا به.
ومن ذلك قراءة أبي السمال: "أبشر منا" - بالرفع - "وَاحِدًا نَتَّبِعُه5"، بالنصب.
قال أبو الفتح: "بشر" عندي مرفوع بفعل يدل عليه قوله: "أولقى عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا"، فكأنه قال: أينبأ، أو يبعث بشر منا؟
فأما انتصاب "واحدا" فإن شئت جعلته حالا من الضمير [154و] في "منا6" أي: أينبأ بشركائن منا؟ والناصب لهذه الحال الظرف، كقولك: زيد في الدار جالسا.