فأيبلي كما ترى فَيْعُلِيّ، ولولا ياء الإضافة لم يجز ذلك، ألا ترى أنه لم يأتِ عنهم فَيْعُل؟ وكذلك قولهم في الإضافة إلى تحبة: تَحَوِيّ، ومثاله: تَفَلِيّ. وليس في كلامهم اسم على تفل، فكذلك جاز خَصوصية وأختاها، هذا مع ما حُكي "11و" عنهم من القَبول والوَضوء والوَلُوع والوَقود، فإذا جاء هذا المثال في المصدر من غير أن تصحبه ياء الإضافة فهو بأن يأتي معهما أجدر.

ومن ذلك قراءة رؤبة: "مَثَلا مَا بَعُوضَةٌ"1 بالرفع.

قال ابن مجاهد: حكاه أبو حاتم عن أبي عبيدة عن رؤبة.

وقال أبو الفتح: وجه ذلك: أن "ما" هاهنا اسم بمنزلة الذي؛ أي: لا يستحيي أن يضرب الذي هو بعوضة مثلًا، فحذف العائد على الموصول وهو مبتدأ.

ومثله قراءة بعضهم: "تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنُ"2 أي: على الذي هو أحسن.

وحكى صاحب الكتاب عن الخليل: ما أنا بالذي قائل لك شيئًا؛ أي: الذي هو قائل لك شيئًا.

وعليه قوله:

لم أرَ مثل الفتيان في غِيَر الـ ... أيام ينسَوْن ما عواقبُها3

أي: ينسون الذي هو عواقبها، وحَذْفُ الضمير من هنا ضعيف؛ لأنه ليس فضلة كالهاء في نحو قولك: ضربت الذي كلمت؛ أي: كلمته.

وإن شئت كان تقديره: ينسون أيُّ شيء عواقبها؟ فتكون ما استفهامًا، وعواقبها خبرًا عنها، والجملة في موضع نصب بينسون، وجاز فيها التعليق؛ لأنها ضد يذكرون ويعلمون، فيجري مجرى قولك: لا تنسَ أيُّنا أحق بكذا، وأَتذكُرُ أَزيدٌ أفضل أم عمرو؟

ومن ذلك قراءة يزيد البربري: "وَعُلِّمَ آدَمُ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا"4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015