ومن ذلك قراءة ابن عباس: "بُدًّى فِي الْأَعْرَابِ"1، شديدة الدال، منونة.
قال أبو الفتح: هذا أيضا جمع باد، فنظيره قول الله سبحانه: {كَانُوا غُزًّى} 2، جمع غاز على فُعَّل. ولو كان على فُعَّال لكان بُدّاء وغُزّاء، ككاتب وكُتّاب، وضارب وضُرّاب [127و] أنشد الأصمعي:
وأنا في الضُّرّاب قيلانُ القُلة3
ومن ذلك قراءة الحسن: "ثُمَّ سُوِلُوا الْفِتْنَةَ"4، مرفوعة السين، ولا يجعل فيها ياء، ولا يمدها.
قال أبو الفتح: اعلم أن في سألت5 لغتين:
إحداهما: سأل يسأل مهموزًا، كدأل6 يدأل، وجار يجأر.
والأخرى وهي سال يسال، كخاف يخاف. والعين من هذه اللغة واو؛ لما حكاه أبو زيد من قوله: هما يتساولان، كقولك: يتقاومان، ويتقاولان.
والذي ينبغي أن تحمل عليه هذه القراءة هو أن تكون على لغة من قال: سال يسال، كخاف يخاف، ومال يمال: إذا كثر ماله. وأقيس اللغات في هذا أن يقال عند إسناد الفعل إلى المفعول: سِيلُوا كعِيدُوا، ومثل قِيل، وبِيع وسِير به. ولغة أخرى هنا وهي إشمام كسرة الفاء ضمة: سُِيلوا، كقُِيل وبُِيع. واللغة الثالثة سُولوا، كقولهم: قُولَ، وبُوعَ، وقد