وإن شئت لم تحمله على حذف المفعول لكن على أنه من قولهم: ثوب مُعْلم، ومن قولهم: فارس مُعْلم، أي: أعلم نفسه في الحرب بما يعرف به من ثوب أو غيره، فكأنه قال: وَلَيَشْهَرَنَّ الذين صدقوا، وَلَيَشْهَرَنَّ الكاذبين؛ فيرجع إلى المعنى الأول، إلا أنه ليس على تقدير حذف المفعول.

وإن شئت كان على حذف المفعول الثاني لا الأول، كأنه قال: فَلَيُعْلِمَنَّ الله الصادقين ثواب صدقهم، والكاذبين عقاب كذبهم.

ومثل: "لَيَعْلَمَنَّ"، بفتح الياء واللام جميعا - قراءة من قرأ: "عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ"1، بتخفيف الراء من عَرَفَ فأقام المعرفة مقام المعاتبة عنها. ومثل "ولَيُعْلِمَنَّ"، بضم الياء، وكسر اللام -قراءة من قرأ: "عَرَّفَ بَعضَه"، بتشديد الراء.

وأعلمت في القراءتين جميعا إذا لم تكن بمعنى أعلمت الثوب فهو بمعنى عرفت2، وهي متعدية إلى مفعول واحد، كقوله تعالى3: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ} 4، أي: عرفتم. وأما "لَيَعْلَمَنَّ" و"فَلَيُعْلِمَنَّ" فكأنه قال: فليكافئن، ولَيَشْهَرَن بما كافأ به على ما مضى من التفسير.

ومن ذلك قراءة السلمى وزيد بن علي: "وَتَخَلَّقُونَ إِفْكًا"5.

وقرأ فضيل بن مرزوق6 وابن الزبير: "وَتَخْلُقُونَ أَفِكًا"، بفتح الهمزة، وكسر الفاء.

قال أبو الفتح: أما "تَخَلَّقُونَ" فعلى وزن تَكَذَّبُونَ7 ومعناه. وأما "أَفِكًا" فإما أن يكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015