أي: حواصل ذلك، أو حواصل ما ذكرنا. وأخبرنا شيخنا أبو علي قال: قال أبو عبيدة لرؤبة في قوله:

فِيها خُطُوطٌ من سوادٍ وَبَلَقْ ... كأنَّهُ فِي الجِلْدِ تَوْلِيعُ الْبَهَقْ1

إن كنت أردت الخطوط فقل: كأنها، وإن كنت أردت السواد والبَلَق فقل: كأنهما، فقال رؤبة: أردت: كأن ذاك، ويلك! هذا مجموع الحكاية، وهي مُتَلَقّاة مقبولة، كما يجب في "ذلك".

ولو قال قائل: إن الهاء في "كأنه" عائدة على "البَلَق" وحده لكان مصيبا؛ لأن في "البلق" ما يُحتاج إليه من تشبيهه بالبَهَق، فلا ضرورة هناك إلى إدخال السواد معه. ونحو القراءة قول الآخر:

ألّا إنَّ جِيرَانِي العَشِيَّة رَائِحٌ

فأخبر عنه بلفظ الواحد، لأنه أجراه مجراه. وتجاوزوا هذا إلى أن أضافوا2 إلى لفظ الجماعة، فقالوا: أنصاريٌ؛ لأنه جعل الأنصار جاريا مجرى الأب، أو الأم، أو البلد.

وقال الآخر:

مُشَوَّه الْخَلْقِ كِلَابِيّ الخُلُقْ3

فنسب إلى جنس الكلاب، ولولا ذلك لقال: كَلْبِيّ، وفي الأنصاري: ناصريّ، كما تقول في الإضافة إلى الفرائض: فَرَضِيٌّ، وإلى السفائن: سَفَنيٌّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015