كَمَا جِدَةِ الأعْرافِ قالَ ابنُ ضَرَّةٍ ... عَلَيْها كَلَامًا جَارَ فيهِ وأهْجَرًا1
وقال الحسن في "تَهْجُرُونَ" أي: تهجرون كتابي ونبيي. وأما "تُهْجِّرُونَ" فينبغي والله أعلم أن يكون تكثرون من الهجر، وهو الهذيان، أو هجر النبي "صلى الله عليه وسلم" وكتاب الله، أو تكثرون من الإهجار، وهو إفحاش القول؛ لأن فَعَّلَ تأتي للتكثير.
وروينا عن أبي حاتم قال: قرأ "سُمَّارًا" أبو رجاء، فهذا ككاتِب وكُتّاب [109ظ] ، وشارب وشُرّاب. ولو ذهب ذاهب إلى أن معنى "تُهْجِّرُونَ"، أي تكثرون من الهذيان حتى تكونوا -وأنتم في سواد الليل لقلة احتشامكم لظهور ذاك عليكم- كأنكم مهجّرون، أي: مبادون به غير مسايرين له، كالذي يهجّر في مسيره، أي: يسير في الهاجرة، فهذا كقولك لصاحبك: أنت مساترا معلن، وأنت محسنا مسيءٌ، أي: أنت في حال مساترتك معلن، وأنت في حال إحسانك عندي مسيء- لكان وجها.
ومن ذلك قراءة يحيى: "وَلَوُ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ"2، بضم الواو.
قال: الضم في هذه الواو قليل، وإنما بابها الكسر كقراءة الجماعة، غير أن من ضمها شبهها -لسكونها وانفتاح ما قبلها- بواو الجمع، كقول الله تعالى: {اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ} 3، كما شبه بعضهم واو الجمع هذه بها فقرأ: "اشْتَرَوِا الضَّلالَةَ"، ومثل ضم هذه الواو ضم واو قوله5:.....