من ذلك قولهم: حلا الشيء في فمي يحلو، وحلي بعيني، فاختاروا البناء للفعل على فَعَل فيما كان لحاسة الذوق؛ لتظهر فيه الواو، وعلى فَعِل في حَلِي يحلَى1 لتظهر الياء والألف، وهما خفيفتان ضعيفتان إلى الواو؛ لأن [لو كان حس لكان أشبه2] حصة الناظر أضعف من حس الذوق بالفم. وقالوا أيضا: جُمامُ المكوك دقيقا3 وجِمام القدح ماء؛ وذلك لأن الماء لا يصح أن يعلو على رأس القدح [92ظ] كما يعلو الدقيق ونحوه على رأس المكوك؛ فجعلوا الضمة لقوتها فيما يكثر حجمه، والكسرة لضعفها فيما يقل بل يعدم ارتفاعه.

وقالوا: النضح بالحاء غير معجمة للماء السخيف يخف أثره، وقالوا: النضخ بالخاء لما يقوَى أثره فيبُل الثوب ونحوه بللا ظاهرا؛ وذلك لأن الخاء أوفى صوتا من الحاء. ألا ترى إلى غلظ الخاء ورقة الحاء؟ وقد ثبت في كتاب الخصائص4 من هذا الضرب ونحوه وما جرى مجراه وأحاط به شيء كثير. وقد قال شاعرنا5:

وكم من عائبٍ قولا صحيحا ... وآفته من الفهمِ السقيم

ولكن تأخذُ الأذهانُ منه ... على قدرِ القرائحِ والعلومِ6

ومن ذلك قراءة الحسن: "خَطَاءً7"، بخلاف.

وقرأ: "خَطًا" غير ممدود، والخاء منصوبة خفيفة- الحسن، بخلاف.

وقرأ: "خِطًا" -بكسر الخاء غير ممدود- أبو رجاء والزهري.

وقرأ: "خَطْئًا" -في وزن خَطْعًا- ابن عامر، بخلاف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015