المعصور حينئذ هو العنب، فسماه خمرًا لما يصير إليه من بعدُ حكايةً لحاله المستأنفة، كقول الآخر:
إذا ما مات مَيْتٌ من تميم ... فسرَّك أن يعيش فجيء بزاد1
أراد: إذا مات حيٌّ فصار ميْتًا كان كذا، أو فليكن كذا. وعليه قول الفرزدق:
قتلت قتيلًا لم يَرَ الناسُ مثلَه ... أُقَلِّبُهُ ذا تُومتين مُسَوَّرَا2
وقد مضى هذا قبل.
ومن ذلك قراءة عكرمة والجحدري: "فَيُسْقَى ربُّهُ خَمْرًا"3.
قال أبو الفتح: هذا في الخير يضاهي في الشر قوله: "فيُصْلَبُ"4؛ لأن تلك نعمة، وهي نَقِمة5.
ومن ذلك قراءة ابن عباس وابن عمر بخلاف وعكرمة ومجاهد بخلاف عنهما والضحاك وأبي رجاء وقتادة وشُبيل بن عَزْرَة الضُّبْعِي6 وربيعة بن عمرو وزيد بن علي: "وادَّكَرَ بَعْد أَمَهٍ"7، وقرأ: "بعْد إِمَّةٍ" الأشهب العقيلي.
قال أبو الفتح: "الأَمَهُ": النسيان، أَمِهَ الرجل يَأمَهُ أَمَهًا: أي نسي. "والإِمَّةُ": النعمة؛ أي: بعد أن أنعم عليه بالنجاة.
ومن ذلك قراءة عيسى والأعرج وجعفر بن محمد: "وفيه يُعْصَرُون"8 بياء مضمومة وصاد مفتوحة.