ومن ذلك قراءة يحيى والأعمش وطلحة بخلاف ورواه إسحاق الأزرق1 عن حمزة2: "فَتِمَسَّكُمُ النَّارُ".

قال أبو الفتح: هذه لغة تميم، أن تكسر أول مضارع ما ثاني ماضيه مكسور، نحو: علمت تِعْلَم، وأنا إِعْلَم وهي تِعْلَم، ونحن نِرْكَب، وتقل الكسرة في الياء، نحو: يِعْلَم، ويِرْكَب؛ استثقالًا للكسرة في الياء، وكذلك ما في أول ماضيه همزة وصل مكسورة، نحو: تِنْطَلِق، ويوم تِسْوَدُّ وجوه وتِبْيَضُّ وجوه3، فكذلك "فَتِمَسَّكُمُ النَّارُ".

فأما قولهم: أَبَيْتَ تِيبَي فإنما كسر أول مضارعه وعين ماضيه مفتوحة من قِبَل أن المضارع لما أتى على يَفْعَل -بفتح العين- صار كأن ماضيه مكسور العين حتى كأنه أَبِيَ، وقد شرحنا ذلك في كتابنا المنصف.

ومن ذلك: "وزُلُفًا"4 بضم الزاي واللام، قرأ بها أبو جعفر يزيد وطلحة بن مصرف بخلاف، وعيسى وابن أبي إسحاق، وقرأ: "وزُلْفًا" بضم الزاي ساكنة اللام ابن محيصن ومجاهد.

قال أبو الفتح: مَن قال: "79ظ" "زُلُفًا" بضم الزاي واللام جميعًا فواحدته زُلُفَة، وكبُسُرة وبُسُر فيمن ضم السين، ومَن قرأ: "زُلْفًا" بسكون اللام فواحدته زُلْفَة، إلا أنه جمعه جمع الأجناس المخلوقات، كبُرَّة وبُرّ، ودُرَّة ودُرّ؛ وذلك أن الزُّلْفَة جنس من المخلوقات وإن لم يكن جوهرًا، كما أن الدرة والبرة جوهر جنس من الجواهر. وعلى هذا أجاز أبو العباس في قولنا: ضربت ضربًا أن يكون جمع ضربة كحبة وحب، ومثله قول الآخر:

حتى اتَّقَوْهَا بالسلام والتَّحِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015