ولا يحسن أن يُذهب في هذا إلى قول الخليل في طاح يطيح وتاه يتيه: إنه فعِل يفعِل؛ لقلة ذلك ووجود المندوحة عنه في قولهم: هذا أَتيه منه وأَطيح منه، فاعرف ذلك.

ومن ذلك قراءة الناس: "إلَّا إحْدى"1 غير ابنت محيصن، فإنه كان يصلها ويسقط الهمزة.

قال أبو الفتح: قد ذكرنا ذلك فيما مضى في قراءة ابن محيصن أيضًا في سورة الأعراف.

ومن ذلك قراءة: {مَغَارَاتٍ} 2، وقرأ سعد بن عبد الرحمن بن عوف: "مُغَارات".

قال أبو الفتح: أما "مغارات" على قراءة الناس فجمع مَغارة أو مَغار، وجاز أن يجمع مغارات بالتاء وإن كان مذكرًا لأنه لا يعقل، ومثله إوان3 وإوانات، وجمل سِبَطر4 وجِمال سِبطرات، وحمَّام وحمامات. وقد ذكرنا هذا ونحوه في تفسير ديون المتنبي عند قوله:

ففي الناس بُوقاتٌ لها وطبول5

ومَغار مَفْعَل من غار الشيء يغور.

وأما مُغَارات فجمع مُغَار، وليس من أَغرت على العدو؛ ولكنه من غار الشيء ويغور، وأَغرته أنا أُغيره، كقولك: غاب يغيب وأَغَبته، فكأنه: لو يجدون ملجأ أو أمكنة يُغيرون فيها أشخاصهم ويسترون أنفسهم، وهذا واضح.

ويؤكد ذلك قراءة مسلمة6 بن محارب: "مُدْخَلًا"7 أي: مكانًا يُدخلون فيه أنفسهم، ورويت عن أبي بن كعب8: "أو مندخلًا"، وهو من قول الشاعر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015