اعلم أن جميع ما شذَّ عن قراءة القراء السبعة1 -وشهرتهم مغنية عن تسميتهم- ضربان:
ضرب شذ عن القراءة عاريًا من الصنعة، ليس فيه إلا ما يتناوله الظاهر مما هذه سبيله، فلا وجه للتشاغل به؛ وذلك لأن كتابنا هذا ليس موضوعًا على جميع كافة القراءات الشاذة عن قراءة السبعة؛ وإنما الغرض منه إبانة ما لطفت صفته، وأُغْرِبَتْ2 طريقته.
وضرب ثانٍ وهو هذا الذي نحن على سمته؛ أعني: ما شذ عن السبعة، وغمُض عن ظاهر الصنعة، وهو المعتمد المعوَّل عليه، المولَى3 جهة الاشتغال به. ونحن نورد ذلك على ما رويناه، ثم على ما صح عندنا من طريق رواية غيرنا له، لا نألو فيه ما تقتضيه حال مثله من تأدية أمانته، وتحرِّي الصحة في روايته، وعلى أننا نُنْحي4 فيه على كتاب أبي بكر أحمد بن موسى بن مجاهد -رحمه الله- الذي وضعه لذكر الشواذ من القراءة؛ إذ كان مرسومًا به مَحْنُوَّ الأرجاء عليه، وإذ هو أثبت في النفس من كثير من الشواذ المحكية عمن ليست له روايته، ولا توفيقه ولا هدايته.
فأما ما رويناه في ذلك فكتاب أبي حاتم سهل بن محمد بن عثمان السجستاني5 -رحمه الله- أخبرنا به أبو إسحق إبراهيم بن أحمد القِرْميسيني6، عن أبي بكر محمد بن هارون الرُّوياني7