فعلى هذا يجوز أن يكون أراد بقوله: "لَتُصِيبَنَّ": لا تُصِيبَنَّ، فحذف ألف "لا" تخفيفًا من حيث ذكرنا.

فإن قلت: فهل يجوز أن يحمله على أنه أراد: لتصيبن الذين ظلموا منكم خاصة، ثم أشبع الفتحة، فأنشأ عنها ألفًا كالأبيات التي أنشدتها قبل هذا الموضع، نحو قوله:

ينباع من ذِفْرَى غَضوب جَسْرة1

وهو يريد: ينبع.

قيل: يمنع من هذا المعنى، وهو قوله تعالى يليه: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} . فهذا الإغلاظ والإرهاب أشبه بقراءة مَن قرأ: {لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} من أن يكون معناه: إنما تصيب الذين ظلموا خاصة.

فتأمل ذلك؛ فإنه يضح لك بمشيئة الله.

ومن ذلك ما رُوي عن عاصم أنه قرأ: "وَمَا كَانَ صَلاتَهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ" نصبًا "إِلَّا مُكَاءٌ وَتَصْدِيَةٌ"2 رفعًا، رواه عبيد الله3 عن سفيان4 عن الأعمش5 أن عاصمًا قرأ كذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015