وقد نبهنا في كتابنا المعروف بالخصائص1 من هذه الطريق في تزاحم الحروف المتقاربة ما في بعضه كل مَقْنَع بمشيئة الله.
ومن ذلك قراءة الحسن والزهري: "بين الْمَرِّ وقلبِه"2.
قال أبو الفتح: وجه الصنعة في هذا أنه خفف الهمزة في "المرء" وألقى حركتها على الراء قبلها، فصارت "بين المرِّ وقبله"، ثم نوى الوقف فأسكن وثقَّل الراء على لغة من قال في الوقف: هذا خالدّ وهو يجعلّ، ثم أطلق ووصل على نية الوقف، فأقر التثقيل بحاله على إرادة الوقف، وعليه قوله، أنشدَناه أبو علي:
بِبَازلٍ وَجناءَ أو عَيْهَلِّ3
يريد: العيهل، فنوى الوقف فثقل، ثم أطلق وهو يريد الوقف، ومثله ما قرأنا على أبي بكر محمد بن الحسن عن أبي العباس أحمد بن يحيى:
ومُقلتان جَوْنتا المكْحَلِّ4
يريد: الْمَكْحَل. وأول هذه القصيدة:
ليث شبابي عاد للأولِّ ... وغضَّ عيش قد خلا أَرْغَلِّ5
وفيها أشياء من هذا الطراز كثيرة، فكذلك "الْمَرِّ" على هذا.
وقراءة الجماعة من بعدُ أقوى وأحسن؛ لأن هذا من أغراض الشعر لا القرآن.