ومن ذلك قراءة أبي وَجْزَة السعدي: "هِدْنا إليك"1.

قال أبو الفتح: أما "هُدْنا" بضم الهاء مع الجماعة فتُبْنَا، والْهُود: جمع هائد؛ أي: تائب.

وأما "هِدْنا" بكسر الهاء في هذه القراءة فمعناه انجذبنا وتحركنا، يقال: هادَني يهيدُني هيْدًا؛ أي: جذبني وحركني، فكأنه قال: إنا هِدْنا أنفسنا إليك2، وحركناها نحو طاعتك.

قال:

أَلِمَّا عليها فانعَيانِيَ وانظرا ... أينصتها أم لا يُهيِّدُها ذِكْري

أي: أم لا يهيجها ويهزها ذكري، ومنه قولهم في زجر الإبل: هِيد؛ أي: أسرعي. قال ذو الرمة:

إذا حداهن بهيدٍ هِيدِ ... صفحْن للأزرار بالخدود3

ومن ذلك قال ابن رومي4: حدثني أحمد بن موسى، وحدثني الثقة عنه أنه قرأ: "النَّبِيَّ الْأَمِّيَّ"5 بفتح الهمزة، يقول: يأْتم به مَنْ قبله.

قال أبو الفتح: هذا منسوب إلى مصدر أَمَمت الشيء أَمًّا، كقولك: قصدته قصدًا، ثم أضيف إليه عليه السلام، هذا على هذا التفسير الذي سبق ذكره.

وقد يجوز مع هذا أن يكون أراد الأُمي بضم الهمزة كقراءة الجماعة، ثم لحقه تغيير النسب، كقولهم في الإضافة إلى أُميَّة: أَموى، بفتح الهمزة، وكقولهم في الدهر: دُهْرِي، وفي الأمس: إِمْسِي، وفي الأفق: أَفَقِي بفتح الهمزة، وهو باب كبير واسع عنهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015