قيل: قد يُغيَّر الأول من المثلين تخفيفًا كما يغير الآخر، وذلك قوله:
يا ليتما أُمُّنا شالت نعامتها ... إيما إلى جنة أيما إلى نار1
يريد: أَمَّا، وكذلك القول في قيراط ودينار وديماس2 فيمن قال: دماميس، وديباج فيمن قال: دبابيج، وقد حذفت هذه الياء في الواحد من هذا الجمع. أنشدنا أبو علي وقرأته عليه أيضًا في نوادر أبي زيد:
بَكِّي بعينك واكف القَطْر ... ابن الحوارِي العالي الذِّكْرِ3
يريد: الحوارِيّ. وقد خففت ياء النسب في غير موضع مع كونها مفيدة لمعنى النسب، فكيف بها إذا كان لفظها لفظ النسب ولا حقيقة له هناك؟ ألا ترى أن الحواريَّ بمنزلة كرسي في أنه نسب لفظي، ولا حقيقة إضافة تحته؟
ومن ذلك قراءة الحسن: "أَنْ يُوتِيَ أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ"4، قال أحمد بن صالح5: كذا قال، قال ابن مجاهد: وعلى هذا ينبغي أن يكون أن يوتِيَ أحدًا.
قال أبو الفتح: لا وجه لإنكار ابن مجاهد رفع "أحد" مع قوله "يوتِيَ" مسمى الفاعل؛ وذلك أن معناه أن يوتِي أحد أحدًا مثل ما أوتيتم؛ كقولك: أن يحسن أحد مثل ما أُحْسِنَ إليكم؛ أي: أن يحسن أحد إلى أحد مثل ما أُحْسن إليكم، فتحذف المفعول ويكون معناه ومفاده أن نعمة الله سبحانه لا تُقاس بها نعمة. وهذا مع أدنى تأمل واضح.
ومن ذلك قراءة أبي حيوة6: "تُدْرِسُون"7 بضم التاء ساكنة الدال مكسورة الراء.