وأما فَعِّلية -أعني: ذَرِّيئة- فإنك إن أبدلتها أو خففتها استوى فيها اللفظان، فقلت: ذَرِّيَّة، كما تقول في تخفيف جِرِّيئة1 وأبدالها جِرِّيَّة، وهذا واضح.

وإذا كانت من لفظ الذَّرْوِ فإنها فَعِّيلة، وأصلها ذَرِّيوَة، فقلبت الواو لسكون الياء قبلها، وأدغمت الياء الأولى فيها؛ فصارت ذَرِّيَّة. ولا تحتمل وهي من الواو أن تكون فَعُّولة؛ لأنه كان يجب على هذا أن تكون ذَرُّوَّة، والحمل على أُدْحِيَّة جائز، إلا أنه ليس بالظاهر، وليس كذلك أُدْعِيَّة وأدحية وأضحية؛ لأنه قد أُمن أن يكون في الكلام أُفْعِيل؛ لأنه لم يأتِ عنهم، فلا بد إذن من أن يكون أصلها أُدْحُوَّة وأدعوة وأضحوة، فغيرت إلى الياء تخفيفًا استحسانًا لا وجوبًا، وليس كذلك ذَرِّية لو كانت من الذَّرْو؛ لأنه ليس واجبًا أن تكون فَعُّولة؛ بل قد يجوز أن تكون فَعِّيلة، فافهم ذلك.

وأما إذا كانت من ذرى، فإنها تحتمل أن تكون "36و" فَعُّولة وفَعِّيلة، فأصل فَعُّولة ذَرُّويَة، فأبدلت الواو للياء بعدها، وأدغمت الأولى في الثانية؛ فصارت ذَرِّيَّة.

وأصل فَعِّيلة ذَرِّية هكذا وكما ترى؛ لأنك أدغمت الياء الأولى في الثانية فصارت ذَرِّية، ومثلها من قَضَيْتُ قَضِيَّة، ومن رميت رمية. انتهى القول في ذُرية وذِرية وذَرية، ودعانا إلى إشباع القول عليها أن لم يتقدم أحد ببسطها، وحسبنا الله.

ومن ذلك قراءة إبراهيم2 فيما رواه المغيرة3 والأعمش عنه: "نَزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابُ بِالْحَقِّ"4 خفيفة الزاي، ورفع الباء من الكتاب.

قال أبو الفتح: هذه القراءة تدل على استقلال الجملة التي هي قوله عز اسمه: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ} .

ألا ترى أنه لا ضمير في قوله: "نَزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابُ" يعود على اسم الله تعالى؟ فعلى هذا ينبغي أن تكون جملة مستقلة أيضًا في قول مَن شدَّد الزاي ونصب الكتاب، فيكون اسم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015