وقد أشبعنا هذا الموضع1 في شرح ديوان المتنبي.
ويؤكد أن المراد به الجماعة ما جاء بعده من قوله: {إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} فأبدل الجماعة من أبيك، فهو جماعة لا محالة؛ لاستحالة إبدال الأكثر من الأقل؛ فيصير قوله تعالى: "وإله أبيك " كقوله: وإله ذويك، هذا هو الوجه، وعليه فليكن العمل.
ومن ذلك ما حكاه ابن مجاهد عن ابن عباس: أنه قال: لا تقرأ {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ} 2؛ فإن الله ليس له مثل؛ ولكن اقرأ: "بما آمنتم به".
قال: وروى عنه أيضًا أنه كان يقرأ: "بالذي آمنتم به".
قال: وقال عباس في مصحف أنس3 وأبي صالح وابن مسعود: "فإن آمنوا بما آمنتم به".
قال أبو الفتح: هذا الذي ذهب إليه ابن عباس حسن؛ لكن ليس لأن القراءة المشهورة مردودة. وصحة ذلك أنه إنما يراد: فإن آمنوا بما آمنتم به، كما أرداه ابن عباس وغيره، غير أن العرب قد تأتي بمثل في نحو هذا توكيدًا وتسديدًا، يقول الرجل إذا نفى عن نفسه القبيح4: مثلي لا يفعل هذا؛ أي: أنا لا أفعله، ومثلك إذا سئل أعطى؛ أي: أنت كذاك، قال:
مثلي لا يُحسن قولًا فَعْ فَعْ5
أي: أنا لا أحسنه. وفي حديث سيف بن ذي يزن: "أيها الملك، مثل من سَرَّ وبَر" أي: أنت كذاك. وهو كثير في الشعر القديم والمولد جميعًا.