الذّكر والاعتزال، والعظائم عن خلط أهل المراء، وخبط أهل الجدال، حتى تعود إليها روح الفطرة، وتذهب عنها فترة الغمرة، فحينئذ إن سئلت عن أحوال العامل على نفخ روح الفتح فيها، المانع لها من مسرح دعاويها، المراعي لها في جميع مراعيها،/ فتى رعت في سميّاتها المزهرة، روّعتها أشد الروع وأقهره، قالت: زوجي لا أبثّ بلسان الرياء، والسمعة خبره، إني أخاف من سطوة محاسبته [1] ، وتمكن همّته أن لا أذره، أن أذكره بلسان شكوى التقصير، أذكر عجره وبجره [2] ، فهو بذلك يحبّ أن أذكره.
الثالثة [3] : نفس أمّارة، منفعلة للخواطر المارّة، وهي مسقط رأس القرنين، ومجمع جيوش الوصل والبين، إن تغلّب عليها القرين الجاني، وهو الهوى الشهواني، غرس فيها رذائل الأخلاق أشجار الزقوم [4] ، وأجرى لها من نقائص الأعمال بحار اليحموم، وألبسها من المجانسة الخلقية [5] ، تارة جلد كلب، وتارة جلد حمار، وبنى قصور تقصيرها من هاوية الهوى على جرف هار،/ وإن تبوأها القرين الروحاني، وهو نور البيان الإنساني، أرغد غذاء قلبها من طيب ثمر المعاني، وروّق شراب أغصانها من العمل الرضواني، وألبسها من نسج الفضائل الخلقية حللا سندسية وإستبرقية، وجعلها حرما آمنا لمن فزع من جهله وذنوبه، وتجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدن علّام غيوبه [6] ، فأشجار كلماته الطيبة لا تخبط ولا تقطع، وطائر وارداته لا ينفّر ولا يروّع، وصاحب هذه إن رحم سلك علوّ منهاج الحذر من غوائلها، وتذرّع باليقظة من سهام دسائسها، أن يقع في مقاتلها [7] ، كلما أحسن رأى أنه مقصر، فكيف إذا وجب عليه أن يستغفر، نفسه تحت طول همّته مقهورة بالتأييد، فخواطرها الخاطفة من سطوة مراقبته لا تبدي معه ولا تعيد، هو العشق الذي طالت قامة استقامته [8] العبدانية، واتسعت أقطار صورته