إليهم تارة وإليّ أخرى، وقال: إما أن تكفوا عن حثكم، وإما أن تطلعوا أخاكم الآخر على أول بحثكم، فتنبهوا إليّ، وأقبلوا عليّ، وقالوا أيها الأخ، إن بحثنا الدقيق في طريق هي السر المكتوم، وغوصنا العميق، في منهاج هو مفتاح العلوم، وما ظنك بطريق جنيدها [1] أعظم من الملوك، وأدهمهما وابنه [2] غير مصروفين لنظمها في سلوك الحسن، بحسن السلوك، وأهلها هم أهل الكرم الصيّب، وذلها ينبت العز، وكل مكان ينبت العز طيب [3] : [الكامل]
ذمّ المنازل بعد منزلة اللّوى ... والعيش بعد أولئك الأقوام [4]
فكم منكر صار فيها معروفا بالإيثار، وكم مالك [5] أصبح معروفا بحسنها عن دينار: [السريع]
كم أسد روّع بالشّبل ... فيها وحاف فاق ذا نعل
وكم سريّ بحره زاخر ... وكم فضيل فاز بالفضل
قلت: قد وعيت إلى رمزكم، وانتهيت إلى كنزكم، فزيدوني إيضاحا، زادكم الله صلاحا، قالوا: نحن- أيتها العصبة- لنا في التصوف رغبة، وجدالنا معاشر الرفقة في لفظة التصوف، ممّ هي مشتقة؟ وماذا شرط الصوفي المصافي؟ وإلى الآن ما تحرر لنا في ذلك جواب شاف.
قال الشيخ: على الخبير سقطتم، وبجهينة [6] الخبر أحطتم، ولكنكم ما التفتم أولا إليّ، ولا عولتم في ذلك عليّ، قالوا: مثلك لا يبخل بافادتنا، وأنت عودتنا المسامحة في المطارحة، فاصبر لعادتنا، قال: سمعا وطاعة، اعلموا أيتها الجماعة، أنّ اشتقاق التصوف عند أهل