[1] حدث عين إنسان معرة النعمان، قال: دخلت منبج [2] في بعض الأسفار، فرأيت مصرا كأمصار، ولكن قد صغّر [3] تصريف الدهر اسمها، وأبهم على المتكلمين حدها ورسمها، فمساجدها بالدثور [4] ساجدة، ومشاهدها بحزنها على من غاب عنها شاهدة، ورباطاتها محلولة القوى وللأنس فاقدة، ومدارسها دارسة إلا واحدة، فازددت بحديثها القديم حبّا، وغدا قلبي فيها كلفا، ودمعي فيها صبّا، وحسدت غرابها على النواح وسواد الثياب، وتلوت: يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ
[5] ، وعجبت لسورها المديد، وقصرها المشيد، ونبهت على قبر ملكها حسان [6] بعد أن دثر، وقرأت البيتين المكتوبين عليه نقرا في الحجر [7] : [الوافر]
لقد غفلت صروف الدهر عنّي ... وبتّ من الحوادث في أمان
وكدت أنال في الشرف الثّريّا ... وها أنا في التراب كما تراني