فمذ بان قد غاضت وغارت بحورها ... فها كلّ بيت بعده اليوم في كسر [1]

إذا ذكر الآداب فهو إمامها ... وفارسها السبّاق في النظم والنثر

له شرعة في نثره فاضلية ... يظل بها ذو المنطق الجزل في حصر [2]

ويزهو على بسط الرياض طرازها ... ويأنف يوما أن يقابل بالحصري [3]

ففي النثر من هذا يحاكيه ناثرا ... ويا ليت شعري من يدانيه في شعر

أتعجب من تحريره لقضيّة ... وفي كلّ علم كان ينعت بالحبر

بخطبته يهتزّ منبر ذكره ... وينسى زمانا كان في روضة النّضر

محاسن لم يمنع من الصرف جمعها ... ولا كسرت جيش الردى أحرف الجرّ

حكى في التّقى المصريّ ذا النون فاغتدى ... يفوق ابن لام بذله الذهب المصري [4]

وعن عيبه غاب اللسان ليرتقي ... بحضرة قدس مرتقى عالي القدر

إمام له التقديم في العصر إذ سنا ... معاليه كالشمس المنيرة في الظهر

تصانيفه في العلم باهرة الضّيا ... بها فاز من يقرا العلوم ومن يقري

سرى قمرا في أفق كلّ فضيلة ... فخصّص من عالي المقدّر بالغفر

قد استعبد الأحرار إحسان رفده ... وحرّر تدبيج الثناء له فكري

فان تبكه بالبيض والحمر أعين ... فقد كان يغني الوفد بالبيض والحمر

وإن فاز بالأرباح متجره غدا ... فو العصر إنّ الشامتين لفي خسر

وكم ملك فاق المجرّ علوّه ... وضيق أفق الأرض بالعسكر المجري [5]

فما هاب منه الموت سهم قسيّه ... ولا نفعته منعة البيض والسّمر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015