وذات جسم خشن لمسه ... تكاد منه راحتي تدمى
فضضت عنها ختمها فاغتدت ... تحلو علي النثر والنظما
ظلمتها بالنار وهي التي ... لا تشتكي ظلما ولا هضما
حتى إذا ما غيرت طعمها ... وأودعتها الطعم والشمّا
جاءت ولكن بعد ما كابدت ... جوى يرضّ اللحم والعظما
فهات عرّفني إذا ما اسمها ... إن كنت ممن يعرف الاسما
حروفها خمس فان تحذف ال ... خمسين ترجع مائة حتما
كتب الجمال ابن نباتة [1] في محضر جرائحي:
أشهد أن فلانا جرائحي لا جرح [2] عندي في ذكره المقدم، ولا نكر في وصفه الذي ليس بتزويق اللسان وصوغه، ولكنه الذي خالط اللحم والدم، كم اتصف بصفات الكرماء، فجبر كسرا، وخضعت لديه الرقاب قهرا، وشق بسهام رأيه الشّعر،/ ودعي ليوم كريهة وسداد ثغر، كم أجرى على حكمه من دم رئيس، وكم أوقف دما وحبسه، فكان مثابا على ذلك الوقف والتحبيس، لو تقدم عصره لا ستند جادع أنفه إليه، وقام ذو القروح أعني امرأ القيس، مادحا بين يديه، وكيف لا وهو الذي تحمل لقدومه العصايب، ويملأ الفك [3] من شكره بغرائب، وينهض باقباله الأسير، وينشده بلسان حاله الكسير: [الكامل]
فلأشكرنّك ما حييت فان أمت ... فلتشكرنّك أعظمي في قبرها
وكتب أيضا في محضر سقّاء:
أشهد أنّ فلانا السقّاء سريّ العزم سائره، مشكورة في ركب الحجاز الشريف موارده ومصادره، سابغ منهل الإنعام، ملي بما يشكر الناس والأنعام، كم التقى الماء وطلبه قد قدّر، وكم مدح عند سقاية الحاج، غيثه السفاح، وغوثه المقتدر، كم قرئ من تنبيه قصده باب المياه، وكم أدنى من ورود العذب قوما كانوا من العدم غير ناظرين إناه [4] /، كم