كم من صديق لي أسا ... رقه البكاء من الحياء
فاذا رآني راعني ... فأقول ما بي من بكاء
لكن ذهبت لأرتدي ... فطرقت عيني بالرداء
قالوا فكلتا مقلتي ... ك أصابها طرف الرداء
فقال له بشار: ما أشعرك لولا أنك سرقتني، قال: حين تقول ماذا؟ قال، حين أقول [1] : [الوافر]
وقالوا قد بكيت فقلت كلا ... وهل يبكي من الطرب الجليد
ولكني أصاب سواد عيني ... عويد قذى له طرف حديد
فقالوا ما لدمعهما سواء ... أكلتا مقلتيك أصاب عود
فقال أبو العتاهية: وأنت فما أشعرك لولا أنك سرقت عمر بن أبي ربيعة، حيث يقول [2] : [الكامل]
انهلّ دمعي في الرداء صبابة ... فسترته بالبرد عن أصحابي
فرأى سوابق عبرة منهلة ... عمرو فقال بكى أبو الخطاب [3]
فمريت نظرته وقلت أصابني ... رمد فهاج الدمع للتسكاب [4]
فقال بشار: وما أشعر عمر لولا أنه سرق الحطيئة في قوله [5] : [الوافر]
إذا ما العين فاض الدمع منها ... أقول بها قذى وهو البكاء
وبيت الحطيئة أشعر مما تقدم لسبقه إلى المعنى واختراعه إياه.
لما قدم عمر بن هارون [6] مكة، وهو غلام، أخذ في الاختلاف إلى عبد الملك بن جريج [7] وهو عالمها، فأقام عنده سنين، وبرّعه ابن جريج في العلوم، إلى أن رأى عمر أنه ظفر بما عند ابن جريج من فوائد العلوم، وأنواع الآداب، فأخذ من أهبة الإفاضة من