نيكلسون عن إعجابه بالسيوطي ومؤلفاته بقوله: (لو سئلنا أن نختار شخصا واحدا يعكس في ذاته الاتجاهات الأدبية للعصر الاسكندري في الحضارة العربية بشكل تام قدر المستطاع، لوقع اختيارنا على جلال الدين السيوطي) [1] .

وهذا التراث الضخم في شتى العلوم والفنون هو جهد رجل فرد، عالم فذ، نذر نفسه للعلم، وأخلص له، فوفقه الله سبحانه، وهداه إلى الطريق القويم.

إن عصر السيوطي هو العصر المغولي، الذي شهد تفتت البلاد الإسلامية، وخراب المدن، وسقوط الحضارة، وقد بدأ هذا التفتت والانحدار قبل سقوط بغداد، ثم ازداد ذلك بعد سقوط بغداد على أيدي المغول سنة 656 هـ، حتى دخول العثمانيين مصر سنة 923 هـ، وفي هذه الفترة التي بلغت القرنين ونصف، ساد حكم المغول البلاد الإسلامية من الهند شرقا، إلى بلاد الشام غربا، وقد رافق ذلك محنة أخرى، هي خروج المسلمين من الأندلس سنة 897 هـ، وإحراق الكتب العربية، فقد أمر الكردينال (زيمتس) باحراق مكتبة غرناطة، وذهب في هذا الحريق أكثر من ثمانين ألف مجلد، من كتب التراث الإسلامي، وكان لهذا البلاء صدى في نفوس العلماء، بأن دعاهم حرصهم على تراث الأمة، أن اتجهوا إلى التأليف الموسوعي، والنقل عن الكتب ليحفظوا هذا التراث من الضياع، وليقدموا الفكر الإسلامي في تضاعيف كتبهم، وقد دأبت مجموعة كبيرة من المؤلفين على هذا الضرب من التأليف الموسوعي، الذي يحفظ تراث الأمة في التاريخ، والأدب، والتراجم، والمعجمات، وكان صفوة من هؤلاء العلماء في هذه الفترة، والذين قدموا مؤلفات نفيسة نادرة نذكر أهمها:

- ابن عساكر (ت 571 هـ) في: تاريخ دمشق، ويقع في 40 مجلدا كبيرا.

- ابن الجوزي (ت 597 هـ) في: المنتظم في تاريخ الأمم، طبع منه ستة أجزاء، وألف ابن الجوزي نحو 300 كتاب.

- ابن الأثير، عز الدين الشيباني (ت 630 هـ) في: الكامل في التاريخ، 212 مجلدا، وله أسد الغابة في معرفة الصحابة، في 5 مجلدات.

- ياقوت الحموي (ت 626 هـ) في معجم الأدباء، في سبعة مجلدات. ومعجم البلدان في خمسة مجلدات كبار.

- ابن أبي أصيبعة (ت 668 هـ) في: طبقات الأطباء.

- ابن خلكان (ت 681 هـ) في: وفيات الأعيان، في سبعة مجلدات.

- ابن الطقطقي (ت 702 هـ) في: الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015