لا رعاه الله من برم ... عادل عن مذهب الكرم
خلقت مقبوضة يده ... كالمنادى المفرد العلم [1]
قالت الحكماء: من استعمل هذه الأبواب العشرة، لم يعتل مدة حياته، لا يأكل طعاما وفي معدته طعام، ولا يأكل ما تضعف أسنانه عن مضغه، فتضعف معدته عن هضمه، ولا يشرب الدواء ما لم تكن له إليه حاجة داعية، ولا تخرج الدم فانه في البدن يحرس النفس، ويستعمل في كل أسبوع قيّه [2] ، ولا يحبس البول إذا حضره، ولو على سرجه، لكي لا يعقره، ويعرض نفسه على الخلاء قبل النوم، ويدخل الحمام في كل يومين مرة، فانه يخرج من الجسد ما لا يدخل إليه الدواء، ولا يستعمل الجماع كثيرا، فانه يقتبس/ نور الحياة، ولا يجامع العجوز فانه يورث الموت فجأة.
وقال بعض الحكماء: ثلاث لا يحفظهن إلا حازم، ولا يضيعهن إلا عاجز؛ إياك أن تبلغ بطعامك حد الامتلاء، أو تشرب الماء على غير ظمأ، أو تجامع من غير فضل شهوة. وقال جالينوس [3] : ما دخل الرمان جوفا فاسدة إلا أصلحها، ولا دخل التمر جوفا صالحة إلا أفسدها [4] .
وقال بقراط [5] : المريض الذي يشتهي أرجى من الصحيح الذي لا يشتهي [6] . قال فيلسوف: الكرام أصبر نفوسا، واللئام أصبر أبدانا. قال هارون الرشيد للفضيل بن عياض [7] :
ما أزهدك؟ قال: أنت أزهد مني، قال: وكيف ذاك؟ قال: لأني أزهد في الدنيا، وأنت تزهد في الآخرة، والدنيا فانية، والآخرة باقية.