قال: فتراءينا له ثم قبضنا عليه، فجزع وفزع وقال: من القوم؟ فقال برون: أنا حاجب أمير المؤمنين وهذا فلان وفلان. قال: وما الذي تريدون؟ قال برون: فأعلمته ما أمر به أمير المؤمنين من أخذه إلى مجلسه. قال: ذرني أوص فإني لا آمنه، ثم تقدم إلى بعض العلافين في فرضة الفيل فأخذ بياضاً وأوصى فيه وصية خفيفة ودفعها إلى الغلام وسرنا به، فلما مثل بين يدي المأمون زبره وقال: من أنت وبماذا استوجب البرامكة ما تفعله في دورهم؟ قال: يا أمير المؤمنين للبرامكة عندي أيادٍ خضرة أفتأذن لي أن أحدّثك؟ فقال: سديداً. قال: أنا يا أمير المؤمنين المنذر بن المغيرة من أهل دمشق كنت بها من أولاد الملوك فزالت عني نعمتي كما تزول عن الرجال، فلما ركبتني الديون واحتجت إلى بيع مسقط رأسي ورؤوس آبائي أشاروا عليّ بالخروج إلى البرامكة، فخرجت من دمشق ومعي نيف وثلاثون امرأة وصبياً وصبية وليس معنا ما يباع ولا ما يرهن حتى دخلت بغداد ونزلنا بباب الشام في بعض المساجد ودعوت بثويبات لي قد كنت أعددتها لأستميح بها الناس وتركتهم جياعاً وركبت شوارع بغداد فإذا أنا بمسجد مزخرف وفيه مائة شيخ قد طبّقوا طيالستهم بأحسن زي وزينة وبزة، وإذا خادمان على باب المسجد، فطمعت في القوم وولجت المسجد وجلست بين أيديهم وأنا أقدّم وأؤخر والعرق يسيل مني لأنها لم تكن صناعتي، فأنا لكذلك إذا أنا بخادم قد أقبل وقال للخادمين: ازعجا القوم، فازعج القوم وأنا معهم فأدخلونا دار يحيى بن خالد ودخلت معهم، فإذا بيحيى جالساً على دكة له وسط بستان، فسلّمنا وهو يعدنا مائة رجل وواحداً، وبين يدي يحيى عشرة من ولده، وإذا غلام أمرد حين عذّر خداه قد أقبل من بعض المقاصير بين يديه مائة خادم متنطقون في وسط كل خادم منطقة من ألف مثقال مع كل خادم مجمرة من ذهب ورجل من ذهب في كل مجمرة قطعة من العود كهيأة الفهر قد ضم إليه مثله من العنبر السلطاني فوضعوه بين يدي الغلام وجلس الغلام إلى جنب يحيى ثم قال يحيى للزبرقيّ القاضي: تكلم فقد زوّجت ابنتي عائشة من ابن عمي هذا من بيت نار النوُّبهار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015