لا تجعلنا ككمون بمزرعة ... إن فاته الماء أروته المواعيد
وكتب آخر: ما رأيت طيب قولك أسره سوء فعلك ولا مثل بسط وجهك خالفه طول تنكيدك ولا مثل قرب عدتك باعدها إفراط مطلك ولا مثل أنس مذاهبك أوحش منه اختيار عواقبك حتى كأن الدهر أودعك لطيف الحيلة بالمكر بأهل الحلة، وكأن زينك فيه بالخديعة لتدرك منهم فرصة الهلكة. وقد قيل: وعد الكريم نقد وتعجيل، ووعد اللئيم مطل وتأجيل. وقال بعضهم:
وعدتنا مواعيد عرقوب ومطلتنا مطل نعاس الكلب، وغررتنا غرور السراب، ومنيتنا أماني الكمون. ولبعضهم: أما بعد فلا تدعني مقلقا بوعدك بالعذر الجميل أحسن من الطل الطويل، فإن كنت تريد الأنعام وإن تعذرت الحاجة فأوضح، وأعلمني ذلك لأصرف وجه الطلب إلى غيرك. وذكروا أن فتى من مراد كان يختلف إلى عمرو بن العاص فقال له ذات يوم: إنك امرأة؟ قال:
لا. قال: فتزوج وعلي المهر، فرجع إلى أمه فأخبرها الخبر فقالت:
إذا حدثتك النفس إنك قادر ... على ما حوت أيدي الرجال فكذب
فتزوج وأتى عمرو بن العاص فاعتل عليه «1» ولم ينجز وعده فشكا ذلك إلى أمه فقالت
لا تغضبنّ على امرىء في ماله ... وعلى كرائم حر مالك فاغضب
ووصف إعرابي رجلاً فقال له: بشر مطمع ومطل مؤيس، وكنت منه أبداً بين الطمع واليأس لا بذل سريح ولا مطل مريح، وقال إعرابي: أنا من فلان في أماني تهبط العصم وخلف يذكر العدم ولست بالحريض الذي إذا وعده الكذوب علق نفسه لديه واتعب راحته إليه، وذكر إعرابي رجلاً فقال له:
مواعيد عواقبها المطل وثمارها الخلف ومحصولها اليأس، ويقال: سرعة اليأس أحد النجحين، وقال بعضهم: مواعيد فلان مواعيد عرقوب، ولمع الآل، وبرق الخلب، وأماني الكمون، ونار الحباحب، وصلف تحت الراعدة، ومما قيل في ذلك: