أمه فقالت: إنك تختال بأسيرك كأنك جئت بمروان القرظ فقال لها مروان:
وما ترجين من مروان؟ قالت: عظم فدائه. قال: وكم ترجين من فدائه؟
قالت: مائة بعير. قال مروان: لك ذلك على أن ترديني إلى خماعة بنت عوف بن محلم، قالت: ومن لي بالمائة فأخذ عوداً من الأرض وقال: هذا لك، فمضت به إلى عوف فاستجار بخماعة ابنته فبعثت به إلى عوف، ثم إن عمرو بن هند بعث إلى عوف أن يأتيه بمروان، وكان واجداً عليه في شيء، فقال عوف لرسوله: إن خماعة ابنتي قد أجارته، فقال: إن الملك قد آلى أن يعفو عنه أو يضع كفه في كفه، فقال عوف: يفضل ذلك على أن تكون كفي بين أيديهما، فأجابه عمرو إلى ذلك، فجاء عوف بمروان فأدخله عليه فوضع يده في يده ووضع يده بين أيديهما فعفا عنه. ومنهم الطائي صاحب النعمان بن المنذر، وكان من وفائه أن النعمان ركب في يوم بؤسه، وكان له يومان يوم بؤس ويوم نعيم لم يلقه أحد في يوم بؤسه إلا قتله ولا في يوم نعيمه إلا أحياه وحباه وأعطاه، فاستقبله في يوم بؤسه أعرابي من طيء، فقال: حيا الله الملك، لي صبية وصغار لم أوص بهم أحداً فإن رأى الملك أن يأذن لي في إتيانهم وأعطيه عهد الله أن أرجع إليه إذا أوصيت بهم حتى أضع يدي بين يديه، فرق له النعمان وقال له: لا إلا أن يضمنك رجل ممن معنا فإن لم تأت قتلناه، وكان مع النعمان شريك بن عمرو بن شراحبيل فنظر إليه الطائي وقال:
يا شريك ابن عمرو ... هل من الموت محاله
يا أخا كل مضاف ... يا أخا من لا أخاله
يا أخا النعمان فك ... اليوم عن شيخ غلاله
ابن شيبان قتيل ... أصلح الله فعاله
فقال شريك: هو علي أصلح الله الملك، فمضى الطائي وأجل له أجلاً يأتي فيه، فلما كان ذلك اليوم أحضر النعمان شريكاً وجعل يقول له:
إن صدر هذا اليوم قد ولي وشريك يقول: ليس لك علي سبيل حتى نمسي فلما أمسوا أقبل شخص والنعمان ينظر إلى شريك فقال شريك: ليس لك