وقال آخر:

لا يعلم المرء ليلا ما يصبحه ... إلا كواذب مما يخبر الفال

والفال والزجر والكهان كلهم ... مضللون ودون الغيب أقفال

وضده، حكي عن النعمان بن المنذر أنه خرج متصيداً ومعه عدي بن زيد العبادي «1» فمر بآرام- وهي القبور- فقال عدي: أبيت اللعن، أتدري ما تقول هذه الآرام؟ فقال: لا قال: إنها تقول:

أيها الركب المخفون ... على الأرض تمرون

لكما كنتم فكنا ... وكما كنا تكونون

فقال: أعد فأعادها فترك صيده ورجع كئيباً، وخرج معه مرة أخرى فوقف على آرام بظهر الحيرة، فقال عدي: أبيت اللعن، أتدري ما تقول هذه الآرام قال: لا، قال: إنها تقول:

رب ركب قد أناخوا عندنا ... يشربون الخمر بالماء الزلال

ثم أضحوا عصف الدهر بهم ... وكذاك الدهر حالا بعد حال

فانصرف وترك صيده. قال: ولما خرج خالد بن الوليد إلى أهل الردة انتهى إلى حي من تغلب فأغار عليهم وقتلهم، وكان رجل منهم جالساً على شراب له وهو يغني بهذا البيت:

ألا عللاني قبل جيش أبي بكر ... لعل منايانا قريب وما ندري

فوقف عليه رجل من أصحاب خالد فضرب عنقه، فإذا رأسه في الجفنة التي كان يشرب منها. وهذا كقولهم:

إن البلاء موكل بالمنطق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015