ونفسك فاحفظها ولا تفش للعدى ... من السر ما يطوي عليه ضميرها

فما يحفظ المكتوم من سر أهله ... إذا عقد الأسرار ضاع كثيرها

من القوم إلا ذو عفاف يعينه ... على ذاك منه صدق نفس وخيرها

قال معاوية بن أبي سفيان: «أعنت على علي بن أبي طالب بأربع خصال: كان رجلاً ظهره «1» علنةً لا يكتم سراً، وكنت كتوماً لسري، وكان لا يسعى حتى يفاجئه الأمر مفاجأة، وكنت أبادر إلى ذلك، وكان في أخبث جند وأشدهم خلافاً، وكنت في أطوع جند وأقلهم خلافاً، وكنت أحب إلى قريش منه، فنلت ما شئت فلله من جامع إلي، ومفرق عنه» . وكان يقال: «لكاتم سره من كتمانه إحدى فضيلتين: الظفر بحاجته والسلامة من شره، فمن أحسن فليحمد الله وله المنة عليه، ومن أساء فليستغفر الله» . وقال بعضهم: «كتمانك سرك يعقبك السلامة، وإفشاؤك سرك يعقبك الندامة، والصبر على كتمان السر أيسر من الندم على إفشائه» . وقال بعضهم: «ما أقبح بالإنسان أن يخاف على ما في يده من اللصوص فيخفيه، ويمكن عدوه من نفسه بإظهاره ما في قلبه من سر نفسه وسر أخيه؛ ومن عجز عن تقويم أمره فلا يلومن إلا نفسه إن لم يستقم له» .

وقال معاوية: «ما أفيشيت سري إلى أحد إلا أعقبني طول الندم، وشدة الأسف، ولا أودعته جوانح صدري فحكمته بين أضلاعي، إلا أكسبني مجداً وذكراً، وسناء ورفعة» . فقيل: «ولا ابن العاص» . قال: «ولا ابن العاص» . وكان يقول: «ما كنت كاتمه من عدوك فلا تظهر عليه صديقك» .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كتم سره كانت الخيرة في يده، ومن عرض نفسه للتهمة فلا يلومن من أساء به الظن؛ وضع أمر أخيك على أحسنه، ولا تظن بكلمة خرجت منه سواء ما كنت واجداً لها في الخير مذهباً، وما كفأت من عصى الله فيك بأفضل من أن تطيع الله جل اسمه فيه، وعليك باخوان الصدق فإنهم زينة عند الرخاء، وعصمة عند البلاء» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015