شرطة الكوفة، فشكا ذلك إلى عمر بن عبد العزيز، فكتب إليه: «إن من حفظ أنعم الله؛ رعاية ذوي الإحسان؛ ومن إظهار شكر الموهوب، صفح القادر عن الذنب، ومن تمام السؤدد حفظ الودائع، واستتمام الصنائع. وقد كنت أودعت العريان نعمة من أنعمك، فسلبتها عجلة سخطك، وأنصفته غضبته، على أن وليته ثم عزلته وخليته، وأنا شفيعه؛ فأحب أن تجعل له من قلبك نصيبه، ولا تخرجه من حسن رأيك، فتضيع ما أودعته وتتوى ما أفسدئه» . فعفا عنه، ورده إلى عمله.
قال: وغضب سليمان بن عبد الملك على ابن عبيد مولاه، فشكا إلى سعيد بن المسيب ذلك، فكتب إليه: «أما بعد، فإن أمير المؤمنين في الموضع الذي يرتفع قدره عما تقتضيه رعيته، وفي عفو أمير المؤمنين سعة للمسيئين» ، فرضي عنه.
قال: وطلب العتابي «2» من رجل حاجة، فقضى له بعضها، ومطله ببعض. فكتب إليه: «أما بعد، فقد تركتني منتظراً لوعدك، منتجزاً لرفدك. وصاحب الحاجة محتاج إلى نعم هنيئة. أو لا، مريحة؛ والعذر الجميل أحسن من المطل الطويل. وقد قلت بيتي شعر:
بسطت لساني ثم أو ثقت نصفه ... فنصف لساني بامتداحك مطلق
فإن أنت لم تنجز عداتي تركتني ... وباقي لسان الشكر بالناس موثق»
قال: وكتب عمرو بن مسعدة إلى المأمون في رجل من بين ضبة، يستشفع له بالزيادة في منزلته، وجعل كتابه تعريضاً: «أما بعد، فقد استشفع بي فلان، يا أمير المؤمنين، لتطولك علي، في إلحاقه بنظرائه من الخاصة فيما يرتزقون به؛ وأعلمته أن أمير المؤمنين لم يجعلني في مراتب المستشفعين، وفي ابتدائه بذلك تعدي طاعته. والسلام» . فكتب إليه