بعض ما كان يعرض لك من حكم النساء، فلا تكتمها) ، فقال: هاتي الدواة، فكتب:
تقول وليدتي لما رأتني ... طربت، وكنت قد أقصرت حينا
أراك اليوم قد أحدثت شوقاً ... وهاج لك الهوى داء دفينا
وكنت زعمت أنك ذو عزاء ... إذا ما شئت فارقت القرينا
بعيشك هل أتاك لها رسولٌ ... يسرك أم لقيت لها خدينا
فقلت شكا إلي أخٌ محبٌ ... كبعض زماننا إذ تعلمينا
وذو القلب المصاب ولو تعزى ... مشوقٌ حين يلقى العاشقينا
فقص علي ما يلقى بهندٍ ... وأشبه ذاك ما كنا لقينا
فكم من خلةٍ أعرضت عنها ... وكنت بودها دهراً ضنينا
أردت فراقها، فصبرت عنها ... ولو جن الفؤاد بها جنونا
قال: وقال عمر بن أبي ربيعة: بينا أنا خارج محرماً، إذ أتتني جارية كأنها دمية في صفاء اللجين، في ثوب قصب كقضيب على كثيب، فسلمت علي، وقالت: أنت عمر بن أبي ربيعة، فتى قريش وشاعرها؟ قلت: أنا، والله، ذاك. قالت: فهل لك أن أريك أحسن الناس وجهاً؟ قلت: ومن لي بذلك؟ قالت: أنا والله بذلك، على شريطة، قلت: وما هي؟ قالت:
أعصبك وأربط عينيك وأقودك ليلاً، قلت: لك ذاك.
قال: فاستخرجت معجراً من قصب عجرتني به، وقادتني حتى أتت مضرباً، فلما توسطته، فتحت العجارة عن عيني، فإذا أنا بمضرب ديباج أبيض مزرر بحمرة مفروش بوشي كوفي، وفي المضرب ستارة مضروبة من الديباج الأحمر، عليها تماثيل ذهب، ومن ورائها وجه لم أحسب أن الشمس وقعت على مثله حسنا وجمالاً، فقامت كالخجلة، وقعدت قبالتي، وسلمت عليّ، فخيّل بي أن الشمس تطلع من جبينها، وتغرب في شقائق خدها، قالت: أنت عمر ابن أبي ربيعة، فتى قريش وشاعرها؟ قلت: أنا ذلك، يا منتهى الجمال، قالت: أنت القائل: