لهواه لإتلاف ... وملاه لاختلاف
ليس يقرا من كتاب ... الله إلا لإيلاف
وقال آخر:
إن الرقاشي من تكرمه ... بلغه الله منتهى هممه
يبلغ من بره ورأفته ... حملان أضيافه على حرمه
ومن محاسن ذلك، حدثنا علي بن الحسين بن علي بن عثمان بن علي بن الحسن، قال: كانت «ضمير» جارية مولدة لميمونة بنت الحسن بن علي بن زيد؛ فأدبتها، وعلمتها الغناء فبرعت فيه؛ وكانت من أحسن الناس وجهاً وبدناً، وأبرعهم غناء وضرباً، فأعطيت بها مولاتها عشرة آلاف دينار؛ فلما أرادت أن تبيعها، وأحضر المال، بكت وقالت: «يا سيدتي، ربيتني واتخذتني ولداً، ثم تريدين بيعي، فأتغرب عنك ولا أرى وجهك» ، قالت:
«أشهد الله ومن حضر أنك حرة لوجه الله» ! فلما ماتت ميمونة، خطبها آل أبي طالب وغيرهم، فغلب عليها جعفر بن حسن بن حسين، فتزوجها وأحبها حباً شديداً، فقدم بها البصرة، فقال علي بن الحسين، وكان يجالسها ويسمع غناءها؛ فأردت الخروج إلى الرضي بخراسان، فودعت جعفراً وخرجت، فأقمت بالأهواز أياماً أتهيأ للخروج على طريق فارس، فورد علي كتاب جعفر أنه قد وقع بينه وبين «ضمير» شر، وإنها قد أغلظت له حتى تناولها ضرباً، وأنها على مفارقته، وسألني القدوم لأصلح بينهما، فقال علي بن الحسين: وكانت لي حاجة بالرضي، وكنت أرجو لذلك في وجهي منه ومن المأمون الغنى؛ فلما قرأت كتابه، لم أعط صبراً حتى انصرفت راجعاً إلى البصرة، فجئت إلى جعفر، فأوقعت به شتماً وعذلاً، ثم أرسلت إليها: أقسمت عليك بحقي ألا رجعت؛ فخرجت مرهاء، شعثة، وسخة الثياب، حتى جلست بينهما، فأقبل جعفر يعطيني من نفسها لها كل ما أريد وهي ساكتة، ثم قلت: «يا جارية، هاتي العود» ؛ فأخذته، فأصلحت منه حتى تغنت وهي تبكي، ودموعها تكف: