قال عمر رضي الله عنه: «أنت مقتول» ، فلما قال:
ولقد تحدر من كريمة معشرٍ ... عرقٌ على متن الفراش وطيب
وجدوه شارباً ثملاً، فعرضوا عليه نسوة حتى مرت به التي يطلبونها، فأهوى إليها، فقتلوه.
حكى عن سليمان بن عبد الملك أنه كان في بعض أسفاره، فسمر معه قوم، فلما تفرقوا عنه، دعا بوضوء، فجاءت به جارية، فبينا هي تصب الماء على يده، إذ استمدها، وأشار إليها مرتين أو ثلاثاً فلم تصب عليه، فأنكر ذلك، ورفع رأسه، فإذا هي مصغية بسمعها، مائلة بجسدها إلى صوت غناء من ناحية العسكر، فأمرها فتنحت، فسمع الصوت فإذا رجل يغني، فأنصت له حتى فهم ما غنى، فدعا بجارية غيرها فتوضأ، فلما أصبح، أذن الناس، فأجرى ذكر الغناء، فلم يزل يخوض فيه حتى ظن القوم أنه يشتهيه؛ فأفاضوا فيه وذكروا ما جاء في الغناء، والتسهيل لمن سمعه، وذكروا من كان يسمعه من سروات الناس، فقال: «هل بقي أحد يسمع منه» ؟ فقال رجل من القوم: «عندي رجلان من أهل الأبلة محكمان» ، قال: «فأين منزلك من العسكر» ؟ فأومأ إلى ناحية الغناء، فقال سليمان: «ابعث إليهما» ، ففعل، فوجد الرسول أحدهما وأقبل به، وكان اسمه سمير، فسأله عن الغناء، وكيف هو فيه، قال: «محكم» ، قال: «متى عهدك به» ؟
قال: «البارحة» ، قال: «وفي أي النواحي كنت» ؟ فذكر الناحية التي سمع منها الصوت قال: «وما اسم صاحبك» ؟ قال: «سنان» .
قال: فأقبل سليمان على القوم فقال: «هدر الفحل فضبعت الناقة، ونب التيس فشكرت الشاة، وهدل الحمام فزافت الحمامة، وغنى الرجل فطربت المرأة» ، ثم أمر به فخصي، وسأل عن الغناء أين أصله؟ قالوا:
«بالمدينة وهم المخنثون» ، فكتب إلى عامله أن أخص من قبلك من المخنثين.
وحدث الأصمعي أن الشعر الذي سمعه سليمان يتغنى به هو: