فلما مات توبة، مز زوج ليلى بليلى على قبره، فقال لها: «سلمي على توبة فإنه زعم في شعره أنه يسلم عليك تسليم البشاشة» ، فقالت: «ما تريد إلى من بليت عظامه» ، فقال: «والله لتفعلن» ، فقالت وهي على البعير: «سلام عليك يا توبة، فتى الفتيان» . وكانت قطاة مستظلة في ثقب من ثقب القبر، فلما سمعت الصوت، طارت وصاحت، فنفر البعير ورمى بليلى فماتت، فدفنت إلى جنب قبر توبة. قال: وسأل الحجاج ليلى:

«هل كان بينك وين توبة ريبة قط» ؟ قالت: «لا والذي أسأله صلاحك أنه مرة قال لي قولاً ظننت أنه خنع لبعض الأمر» فقلت له:

وذي حاجة قلنا له لا تبح بها ... فليس إليها ما حييت سبيل

لنا صاحب لا ينبغي أن نخونه ... وأنت لأخرى فارغ وخليل

فما كلمني بعد ذلك بشيء، حتى فرق بيني وبينه الموت.

قال الحجاج: «فما كان بعد ذلك» ؟ قالت: لم يلبث أن قال لصاحب له: إذا أتيت الحاضر من بني عباد فقل بأعلى صوتك:

عفا الله عنها هل أبيتن ليلةً ... من الدهر لا يسري إلي خيالها

فلما سمعت الصوت، خرجت، فقلت:

وعنه عفا ربي وأحسن حاله ... تعز علينا حاجة لا ينالها

قال: ودخلت ليلى على الحجاج فأنشدته قولها فيه:

إذا نزل الحجاج أرضاً سقيمةً ... تتبع أقصى دائها فشفاها

شفاها من الداء العضال الذي بها ... غلام إذا هز القناة ثناها

أحجاج لا تعطي العصاة مناهم ... ولا الله يعطي للعصاة مناها

فوصلها الحجاج بألف دينار، وقال: لو قلت: «بدل غلام همام لكان أحسن» .

هند بنت عتبة أم معاوية بن أبي سفيان قيل: لما قتل شيبة وعتبة، ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة، رثتهم هند فقالت:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015