الحواريين أن ابن آدم مخلوق في الدنيا في أربع منازل: هو في ثلاث منها واثق، وهو في الرابعة سيىء الظن يخاف خذلان الله إياه، فإما المنزلة الأولى فإنه خلق في ظلمات ثلاث: ظلمة البطن، وظلمة الرحم، وظلمة المشيمة، فوفاه الله رزقه في جوف ظلمة البطن، فإذا أخرج من ظلمة البطن، وقع في اللبن لا يخطو إليه بقدم ولا ساق، ولا يتناوله بيد، ولا ينهض إليه بقوة، بل يكره إليه إكراهاً، ويؤجر إيجاراً حتى ينبت عليه لحمه ودمه، فإذا ارتفع عن اللبن، وقع في المنزلة الثالثة من الطعام من أبويه يكسبان عليه من حلال وحرام، فإن ماتا، عطف عليه الناس، هذا يطعمه، وهذا يسقيه، وهذا يؤويه، وهذا يكسوه. فإذا وقع في المنزلة الرابعة، واشتد واستوى، وكان رجلاً، خشي أن يرزق، فيثب على الناس، فيخون أماناتهم، ويسرق أمتعتهم، ويغصبهم أموالهم مخافة خذلان الله تعالى إياه.