بين لحيي ضرغام، ولا ينجيك منه الروغان إذا التقت حلقتا البطان.
ابن المنذر عن أبيه الشعبي عن ابن عباس أنه دخل المسجد وقد سار الحسين بن علي رضي الله عنه إلى العراق، فإذا هو بابن الزبير في جماعة من قريش، قد استعلاهم بالكلام، فجاء ابن عباس فضرب بيده على عضد ابن الزبير، وقال: أصبحت والله كما قال الشاعر:
يا لك من قنبرة بمعمر ... خلا لك الجو فبيضي وأصفري
ونقري ما شئت أن تنقّري ... قد ذهب الصّيّاد عنك فابشري
لا بدّ من أخذك يوماً فاصبري «1»
خلت الحجاز من الحسين بن علي، وأقبلت تهدر في جوانبها، فغضب ابن الزبير وقال: «والله إنك لترى أنك أحق بهذا من غيرك» ، فقال ابن عباس: «إنما يرى ذلك من كان في حال شك، وأنا من ذلك على يقين» ، قال: «وبأي شيء أستحق عندك أنك بهذا الأمر أحق مني» ؟
فقال ابن عباس: «لأنا أحق بمن يدل بحقه، وبأي شيء أستحق عندك أنك أحق بها من سائر العرب إلا بنا؟ فقال ابن الزبير: «أستحق عندي أني أحق بها منكم لشرفي عليكم قديماً وحديثاً» ، فقال: «أنت أشرف أم من شرفت به» ؟ فقال: «إن من شرفت به زادني شرفاً إلى شرفي» ، قال: «فمني الزيادة أم منك» ؟ فتبسم ابن عباس، فقال ابن الزبير: «يابن عباس، دعني من لسانك هذا الذي تقلبه كيف شئت، والله يا بني هاشم لا تحبوننا أبداً» . قال ابن عباس: «صدقت، نحن أهل بيت مع الله، لا نحب من أبغضه الله» ، قال: «يابن عباس، أما ينبغي لك أن تصفح عن كلمة واحدة «إنما يصفح عمن أقر، وأما من هر فلا، والفضل لأهل الفضل» ، فقال ابن الزبير: «فأين الفضل» ؟ قال: «عند أهل البيت لا تصرفه عن أهله فتظلم، ولا تضعه في غير أهله فتندم» . قال ابن الزبير:
«أفلست من أهله» ؟ قال: «بلى إن نبذت الحسد، ولزمت الجدد» .