وهو سيد من مضى ومن بقي وأمه فاطمة سيدة نساء العالمين ثم قال لهم:
والله لئن سمع أهل الشام ذلك أنه للسوءة السواء. فقال عمرو: لقد أبقى عليك ولكنه طحن مروان وزياداً طحن الرحى بثفالها ووطئهما وطىء البازل القراد بمنسمه، فقال زياد: والله لقد فعل ولكنك يا معاوية تريد الإغراء بيننا وبينهم لا جرم والله لا شهدت مجلساً يكونان فيه إلا كنت معهما على من فاخرهما، فخلا ابن عباس بالحسن رضي الله عنه فقبل بين عينيه وقال:
أفديك بابن عمي والله مازال بحرك يزخر وأنت تصول حتى شفيتني من أولاد البغايا. ثم إن الحسن رضي الله عنه غاب أياماً ثم رجع حتى دخل علي معاوية وعنده عبد الله بن الزبير. فقال معاوية: يا أبا محمد إني أظنك تعباً نصباً فأت المنزل فأرح نفسك، فقام الحسن رضي الله عنه، فخرج، فقال معاوية لعبد الله بن الزبير: لو افتخرت على الحسن فأنت ابن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته ولأبيك في الإسلام نصيب وافر، فقال ابن الزبير: أنا له.
ثم جعل ليلته يطلب الحجج فلما أصبح دخل على معاوية وجاء الحسن رضي الله عنه فحياه معاوية وسأله عن مبيته فقال: خير مبيت وأكرم مستفاض، فلما استوى في مجلسه قال له ابن الزبير: لولا أنك خوار في الحروب غير مقادم ما سلمت لمعاوية الأمر وكنت لا تحتاج إلى اختراق السهول وقطع المراحل والمفاوز تطلب معروفه وتقوم ببابه وكنت حرياً أن لا تفعل ذلك وأنت ابن علي في بأسه ونجدته، فما أدري ما الذي حملك على ذلك؟ أضعف حال أم وحي نحيزه «1» ؟ ما أظن لك مخرجاً من هذين الحالين أما والله لو استجمع لي ما استجمع لك لعلمت أنني ابن الزبير وأنني لا أنكص عن الأبطال، وكيف لا أكون وجدتي صفية بنت عبد المطلب وأبي الزبير حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشد الناس بأساً وأكرمهم حسباً في الجاهلية، وأطوعهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فالتفت الحسن إليه وقال: أما والله لولا أن بني أمية تنسبني إلى العجز عن المقال لكففت عنك تهاوناً بك، ولكن سأبين ذلك لتعلم أني لست بالكليل.
أإياي تعير وعلي تفتخر، ولم تك لجدك في الجاهلية مكرمة أن لا تزوجه