ينادي: من وجد بعيري فهول له، فقيل له ولم تنشره؟ قال: وأين حلاوة الظفر والوجدان؟ واختصمت إليه الطفاوة وبنو راسب في رجل ادعى هؤلاء، وهؤلاء فيه فقالوا: انظروا بالله من طلع علينا؟ فلما دنا قصوا عليه القصة فقال هبنقة: الحكم في هذا بين، اذهبوا به إلى نهر البصرة فألقوه فيه، فإن كان راسبياً رسب، وإن كان طفاوياً طفا. فقال الرجل: أريد أن أكون من أحد هذين الحيين ولا حاجة لي في الديوان. وقيل: هو أحمق من دغة وهي مارية بنت مغنج تزوجت في بني العنبر وهي صغيرة فلما ضربها المخاض ظنت أنها تريد الخلاء فخرجت تتبرز فصاح الولد فجاءت منصرفة، فصاحت: يا أماه هل يفتح الجعر فاه؟ قالت: نعم، ويدعو أباه، فسبت بنو العنبر بذلك، فقيل: بنو الجعراء. وقيل: بنو الجعراء. وقيل: هو أحمق من باقل «1» ، وكان اشترى عنزاً بأحد عشر درهماً فسئل بكم اشرتيت العنز؟ ففتح كفيه وفرق أصابعه وأخرج لسانه، يريد أحد عشر درهماً فعيروه بذلك، قال الشاعر:
يلومون في حمقه باقلا ... كأن الحماقة لم تخلق
فلا تكثروا العذل في عيه ... فللصمت أجمل بالأموق
خروج اللسان وفتح البنان ... أحب إلينا من المنطق
ومما قيل أيضا من اشعر فيه:
يا ثابت العقل كم عاينت ذا حمق ... الرزق أغرى به من لازم الجرب
فأنني واجد في الناس واحدة ... الرزق أروغ شيء عن ذوي الأدب
وخصلة ليس فيها من يخالفني ... الرزق والنوك مقرونان في سبب
وقال آخر:
أرى زمناً نوكاه أسعد خلقه ... على أنه شقى به كل عاقل