خَمْسَةَ عَشَرَ عَرَفْنَا حِينَئِذٍ أَنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ مُمَيِّزَةٌ فَيَكُونُ حَيْضُهَا الْأَسْوَدَ وَيَكُونُ الْأَحْمَرُ طُهْرًا بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ فَعَلَيْهَا الْغُسْلُ عَقِبَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ وَتُصَلِّي وَتَصُومُ وَتَقْضِي صَلَوَاتِ أَيَّامِ الْأَحْمَرِ وَقَوْلُهُمْ الْأَسْوَدُ وَالْأَحْمَرُ تَمْثِيلٌ وَإِلَّا فَالِاعْتِبَارُ بِالْقَوِيِّ وَالضَّعِيفِ كَيْفَ كَانَ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ صِفَاتِهِمَا هَذَا حُكْمُ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ فَأَمَّا الشَّهْرُ الثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ فَإِذَا انْقَلَبَ الدَّمُ الْقَوِيُّ إلَى الضَّعِيفِ لَزِمَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ عِنْدَ انْقِلَابِهِ وَتُصَلِّيَ وَتَصُومَ وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا وَلَا يَنْتَظِرُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ قَالَ أَصْحَابُنَا وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ قَالُوا وَلَا يَخْرُجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي ثُبُوتِ الْعَادَةِ فِي قَدْرِ الْحَيْضِ بِمَرَّةٍ لِأَنَّ الِاسْتِحَاضَةَ عِلَّةٌ مُزْمِنَةٌ فَالظَّاهِرُ دَوَامُهَا وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ هَذَا فِي الفرع السابق فان انقطاع الضَّعِيفُ فِي بَعْضِ الْأَدْوَارِ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا تَبَيَّنَّا أَنَّ الضَّعِيفَ مَعَ الْقَوِيِّ فِي هَذَا الدَّوْرِ كَانَ حَيْضًا فَيَلْزَمُهَا قَضَاءُ الصوم والطواف والاعتكاف الْوَاجِبَاتِ الْمَفْعُولَاتِ فِي أَيَّامِ الضَّعِيفِ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ: وَلَوْ رَأَتْ فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ الدَّمَ الْقَوِيَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ ضَعُفَ وَفِي الشَّهْرِ الرَّابِعِ خَمْسَةً ثُمَّ ضَعُفَ وَفِي الْخَامِسِ سِتَّةً ثُمَّ ضَعُفَ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ فَحَيْضُهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ الْقَوِيُّ
وَيَكُونُ الضَّعِيفُ طُهْرًا بِشُرُوطِهَا وَتَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي وَتَصُومُ أَبَدًا عِنْدَ انْقِلَابِ الدَّمِ إلَى الضَّعِيفِ وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا وَمَتَى انْقَطَعَ الضَّعِيفُ فِي شَهْرٍ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَالْجَمِيعُ حَيْضٌ قَالَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ وَالْأَصْحَابُ وَسَوَاءٌ فِي هَذَا كُلِّهِ كَانَ الْقَوِيُّ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ بِقَدْرِ الْقَوِيِّ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ أَوْ دُونَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِكَوْنِهِ حَيْضًا لَيْسَ بِسَبَبِ الْعَادَةِ بَلْ الْمُعْتَمَدُ صِفَةُ الدَّمِ فَمَتَى وُجِدَتْ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِهَا *
قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
* [وَإِنْ رَأَتْ خَمْسَةَ أَيَّامٍ دَمًا أَحْمَرَ أَوْ أَصْفَرَ ثُمَّ رَأَتْ خَمْسَةَ أَيَّامٍ دَمًا أَسْوَدَ ثُمَّ أَحْمَرَ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ فَالْحَيْضُ هُوَ الْأَسْوَدُ وَمَا قَبْلَ الْأَسْوَدِ وَبَعْدَهُ اسْتِحَاضَةٌ وَخَرَّجَ أَبُو الْعَبَّاسِ وَجْهَيْنِ ضَعِيفَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا تَمْيِيزَ لها لان الخمسة الاولى دَمٌ بَدَأَ فِي وَقْتٍ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا وَالْخَمْسَةُ الثَّانِيَةُ أُولَى أَنْ تَكُونَ حَيْضًا لِأَنَّهَا فِي وَقْتٍ يَصْلُحُ لِلْحَيْضِ وَقَدْ انْضَمَّ إليه علامة الحيض وما بعدهما بِمَنْزِلَتِهِمَا فَيَصِيرُ كَأَنَّ الدَّمَ كُلَّهُ مُبْهَمٌ فَيَكُونُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُبْتَدَأَةِ غَيْرِ الْمُمَيِّزَةِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ حَيْضَهَا الْعَشْرُ الْأُوَلُ لِأَنَّ الْخَمْسَةَ الاولة حَيْضٌ بِحُكْمِ الْبِدَايَةِ فِي وَقْتٍ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا وَالْخَمْسَةُ الثَّانِيَةُ حَيْضٌ بِاللَّوْنِ وَأَنْ رَأَتْ خَمْسَةَ أَيَّامٍ دَمًا أَحْمَرَ ثُمَّ رَأَتْ دَمًا أَسْوَدَ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ فَهِيَ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ لِأَنَّ السَّوَادَ زَادَ عَلَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ فَبَطَلَ دَلَالَتُهُ فَيَكُونُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُبْتَدَأَةِ غَيْرِ الْمُمَيِّزَةِ وَخَرَّجَ أَبُو الْعَبَّاسِ وَجْهًا أَنَّ ابْتِدَاءَ حَيْضِهَا مِنْ