قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى

* [وَفِي الدَّمِ الَّذِي تَرَاهُ الْحَامِلُ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ حَيْضٌ لِأَنَّهُ دَمٌ لَا يَمْنَعُهُ الرَّضَاعُ فَلَا يَمْنَعُهُ الْحَمْلُ

كَالنِّفَاسِ وَالثَّانِي أَنَّهُ دَمُ فَسَادٍ لِأَنَّهُ لو كان حَيْضًا لَحَرُمَ الطَّلَاقُ وَتَعَلَّقَ بِهِ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ] [الشَّرْحُ] يُقَالُ الرَّضَاعُ وَالرِّضَاعُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا فِيهِمَا وَامْرَأَةٌ حَامِلٌ وَحَامِلَةٌ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَأَفْصَحُ فَإِنْ حَمَلَتْ عَلَى رَأْسِهَا أَوْ ظَهْرِهَا فَحَامِلَةٌ لَا غَيْرَ وَالدَّمُ مُخَفَّفُ الْمِيمِ عَلَى اللُّغَةِ المشهورة وفيه لغية شَاذَّةٌ بِتَشْدِيدِهَا

* أَمَّا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ فَإِذَا رَأَتْ الْحَامِلُ دَمًا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا فَقَوْلَانِ مَشْهُورَانِ قَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَالْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ الْجَدِيدُ أَنَّهُ حَيْضٌ وَالْقَدِيمُ لَيْسَ بِحَيْضٍ وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ حَيْضٌ فَإِنْ قُلْنَا لَيْسَ بِحَيْضٍ فَهُوَ دَمُ فَسَادٍ كَمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَهَلْ يُسَمَّى اسْتِحَاضَةً فِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ وَسَوَاءٌ قُلْنَا اسْتِحَاضَةٌ أَوْ دَمُ فَسَادٍ هُوَ حَدَثٌ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ فَإِنْ لَمْ يَسْتَمِرَّ فَهُوَ كَالْبَوْلِ فَلَهَا أَنْ تُصَلِّيَ بِالْوُضُوءِ الْوَاحِدِ صَلَوَاتٍ وَإِنْ اسْتَمَرَّ فَلَهَا حُكْمُ الِاسْتِحَاضَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا فِي آخِرِ الْبَابِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى: قَالَ الدَّارِمِيُّ فِي الِاسْتِذْكَارِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي مَحِلِّ الْقَوْلَيْنِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُمَا إذَا رَأَتْ الدَّمَ فِي أَيَّامِ عَادَتِهَا وَعَلَى صِفَةِ دَمِ الْحَيْضِ فَإِنْ رَأَتْهُ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَيْضِ أَوْ رَأَتْ صُفْرَةً أَوْ كُدْرَةً فَلَيْسَ بِحَيْضٍ قَوْلًا وَاحِدًا وَمِنْهُمْ مَنْ قال لا فرق بل الخلاف جاز فِي كُلِّ مَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا لِغَيْرِ الْحَامِلِ وَقَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هريرة القولان ااقلنا لِلْحَمْلِ حُكْمٌ فَإِنْ قُلْنَا لَا حُكْمَ لَهُ فهو حيض قولا واحدا وقال أبو إسحق الْقَوْلَانِ جَارِيَانِ سَوَاءٌ قُلْنَا لَهُ حُكْمٌ أَمْ لَا قَالَ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ الْقَوْلَانِ إذَا مَضَى لِلْحَمْلِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا وَمَا رَأَتْهُ قَبْلَ ذَلِكَ حَيْضٌ قَوْلًا وَاحِدًا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ الْقَوْلَانِ فِي الْجَمِيعِ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الدَّارِمِيِّ وَقَالَ الشَّاشِيُّ إذَا قُلْنَا الْحَامِلُ لَا تَحِيضُ فَمِنْ مَتَى يَنْقَطِعُ حَيْضُهَا وَجْهَانِ الصَّحِيحُ بِنَفْسِ الْعُلُوقِ وَالثَّانِي مِنْ وَقْتِ حَرَكَةِ الْحَمْلِ (قُلْت) الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ جَرَيَانُ الْقَوْلَيْنِ بِنَفْسِ الْعُلُوقِ وَفِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ الَّتِي ذَكَرَهَا الدَّارِمِيُّ وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ حَيْضٌ لِأَنَّهُ دَمٌ لَا يَمْنَعُهُ الرَّضَاعُ وَلَا يَمْنَعُهُ الْحَمْلُ كَالنِّفَاسِ فَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُرْضِعَ لَا تَحِيضُ غَالِبًا وَكَذَا الْحَامِلُ فَلَوْ اتَّفَقَ رُؤْيَةُ الدَّمِ فِي حال الرضاع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015